كتبت: ميرفت فهمي - شارك في الإعداد: هايدي حمدي
ذُكرت في القرآن الكريم بأنها أكلت عصا نبى الله سليمان عليه السلام لتكشف موته، هي حشرة النملة البيضاء، التي أصبحت في وقتنا الحالي «البعبع» الذي يخاف منه الأهالي فور اكتشافهم وجودها في منازلهم، لتسببها في هدم المنازل مهما بلغت قوتها، وبداية ظهورها في المحافظات لم تتخطَ شهورًا، وكان آخرها حين أعلنت الوحدة المحلية لمركز باريس بمحافظة الوادي الجديد أنه من المقرر أن يتم صباح السبت، استكمال فعاليات مقاومة لمواجهة حشرة النمل الأبيض بقرية جدة التابعة للمركز
وسيتم تنفيذ الحملة من قبل الإدارة الزراعية بالمركز في عدد من المنازل المصابة، والتي وصل عددها لـ 17منزل، وبناء على ذلك وفرت الإدارة الزراعية 80 لتر من مبيد الحشرة لبدء أعمال المقاومة في المنازل المصابة بها بشكل جماعى لضمان القضاء عليها
وللوقوف على الأزمات التي تسببت بها تلك الحشرة، تواصلت "الدستور" مع عدد من الأهالي التي تعرضت منازلهم للإصابة بالحشرة، ففي قرية حاجر بمدينة الأقصر قامت ببناء ممرات ومداخل يصعب الوصول إليها، ليوشك آلاف من المنازل على الانهيار التام؛ وكان من بين منازل المتضررين منزل الخمسينية سنية حسنين، قالت إن بيتها المبني من الطوب اللبن مساحته حوالى 50 متر، أكل النمل أجزاء كبيرة من الخشب بسقفه ليصبح منزلها بذلك مهدداً بالإنهيار، وحاولت طرق جميع الأبواب لحل هذه المشكلة لتخليصها من تلك الكارثة التي تهدد أسرتها جميعًا ولم تلق أي نتيجة
والتقط منها أطراف الحديث، محمد أحمد، 52 عامًا، أحد أهالي القرية ذاتها، قائلاً: بعد تهجيرنا من «القرنة» إلى «حاجر» بنينا منازلنا من الطوب اللبن وكانت مسقوفة جميعها بالخشب؛ وذلك لعدم قدرتنا المادية على بناء المنازل من الطين، وظهرت مشكلة النمل الأبيض مع ارتفاع درجات الحرارة، ففوجئنا بتآكل جميع الأجزاء الخشبية بالمنزل وكذلك الأقمشة والورق، ولكننا عندما تواصلنا مع وزارة الزراعة وجدنا استجابة لمطالبنا، وتم رش المنزل عدة مرات، ولكن الأزمة في عودته للظهور مرة أخرى
ومن «الأقصر» إلى «الوادي الجديد» هاجم النمل أيضًا قرية «عبد السلام عارف»، فانقض على أسقف منازلها الخشبية مهددًا أكثر من 50 أسرة فقيرة بالتشرد لإمكانية سقوط منازلها في أي لحظة، وهناك تحدثنا مع عمار الكاشف، أحد قاطني هذه المنازل، فقال: "نحن لا نملك أموالاً لإعاده بناء منازلنا، ولا يمكننا العيش مع هذا التهديد باقي عمرنا، فنحن نستيقظ من نومنا لنجد جزء من أبواب أو شبابيك أو من جريد نخل منهار ومفتت على الأرض خائفين من انهيار السقف أو جزء كبير منه علينا أو على أحد أطفالنا
وأشار محمد عاطف أحد سكان القرية ذاتها، إلى أنه رغم المجهودات المتكررة لمكافحة هذا النمل سواء من قبل الجهات المختصة كالزراعة أو على نفقته الخاصة فإن المشكلة لا تنتهي، مطالبًا مديرية الزراعة بالتدخل للحل وصرف مبيدات للمتضررين بتكلفة يتحملها الأهالي
في النهاية، أوضح الدكتور أيمن البسيوني، أستاذ نافرات النمل بمعهد بحوث وقاية النبات، لنا أن النمل الأبــيض ينتشر بصورة أكبر في المنازل الريفية، وهو يتغذى على كل شىء يدخل في تركيبه السليولوز، وضرره لا يقتصر على المنازل فقط بل تمتد إلى الصوامع والشون، ما يتسبب فى تلف كافة الحبوب والأجولة، خاصة المحتوية على مادة السيليولوز، أيضًا الأشجار الخشبية والمحاصيل الزراعية، مهددة مع تواجد هذه الحشرة
وتحدث «البسيوني» عن أن الأنواع المنتشرة في مصر من النمل الأبيض؛ نوعين فقط هما: نمل الخشب، والمنتشر في المناطق الساحلية مثل الأسكندرية، ونمل التربة المنتشر في أغلب محافظات مصر خاصة المناطق الصحراوية
النمل الأبيض مصنف ضمن الحشرات بالغة الخطورة، فهو يأكل المنقولات ويخرب الأثاث المنزلي، لاحتوائه على مادة السليلوز، المصدر الغذائي الرئيسي له، وهذه المادة تمثل نحو 33% من خلايا النبات، وهي عبارة عن كربوهيدرات معقدة شديدة الشبه بالنشا
ووفقًا لتقرير الإدارة المركزية لمكافحة الآفات حول انتشار النمل الأبيض ومكافحته، فإن عدد الوحدات المتضررة بلغ 10 آلاف و343 منزلاً في 16 محافظة (من أصل 27)، وجاءت محافظة أسوان في الصدارة بنحو 3500 ألف منزل
وأشار التقرير إلى أن عدد الوحدات التي تم تطهيرها بلغ 3070 وحدة، وتجري مكافحته في عدد من قرى المحافظات الأكثر تضررا وبينها الأقصر وقنا