Loading

مستشفيات بلا أطباء الدستور" يبحث تبعات أزمة منع الإجازات

هايدي حمدي - سالي رطب

في صباح الأحد الماضي، شعرت إيناس محمد، 25 عامًا، بألم شديد في قدمها جعلها غير قادرة على المشي، فاتكأت على والدتها وذهبت إلى طوارئ مستشفى سيد جلال التعليمي، وطلبت حضور طبيب عظام، وبعد حوالى ربع ساعة جاء طبيب عرفت منه أنه باطني وعندما رآها دون توقيع الكشف الطبي عليها، قال إنها في حاجة إلى طبيب عظام

وتروي "إيناس" لـ"الدستور": طلبت منه إحضار طبيب عظام قالى لى: "روحي اكشفي عند دكتور بره أحسن"، وتركنى دون رد، وبالفعل تركت المستشفي وقتها مستندة على أمى التى رافقتنى لعدم قدرتى على المشي واتجهت لأحد أطباء العظام فى المنطقة

حالة "إيناس" أصبحت أحد النماذج المتكررة أمامنا، فكثير من التخصصات الطبية أصبحت تعاني نقصًا شديدًا، وذلك بسبب تفضيل بعض الأطباء السفر للخارج، وذلك بعد تكرار أزماتهم الأخيرة أبرزها انخفاض الرواتب وكذلك الإهانات التي يتعرض لها الطبيب، لذا قدمت الحكومة مقترحًا بمنع سفر الأطباء للخارج ومنع إجازاتهم، على اعتبار أن عددًا ليس بقليل يعمل بالمستشفيات الحكومية

حالة أخرى قابلناها فى أحد المستشفيات الحكومية الواقعة بمحافظة الدقهلية، حيث يعانى قسم الاستقبال من نقص شديد في عدد الأطباء، فقد دخلت هالة أحمد، وهي فى العشرين من عمرها، إلى الاستقبال مساءً ولم تجد من ينقذها لأكثر من ساعة

قالت هالة: انتظرت فى قسم الاستقبال والطوارئ لأكثر من ساعة بعد أن اتجهت إليها منتصف الليل أعانى من ضيق شديد فى التنفس وآلام بصدري، وتابعت: بعد طول انتظار جاء أحد الأطباء وقام بعمل رسم قلب لى ليتضح أنها جلطة

استطردت: تم نقلى من الاستقبال إلى قسم العناية المركز الخاصة بأمراض القلب ومكثت فيها عدة أيام، وبعد خروجى ذهبت لجراح قلب للاطمئنان على نفسي

أشارت هالة: بعد زيارتى للطبيب وقيامى بعمل عدة تحاليل وأشعات قال لى إن الجلطة تضاعفت بسبب عدم تلقيني العلاج المطلوب بسرعة، قائلة: "عدم وجود طبيب فى الطوارئ تسبب فى مضاعفة الجلطة فبعد أن كانت بسيطة ازدادت لعدم حصولى على حقنة لمنع التجلط فى الدقائق الأولى منها

تحدثنا على الجانب الآخر مع الجهات المسئولة لتوضيح لنا ماهية الأزمة وكيفية القضاء عليها، فأكد الدكتور إيهاب الطاهر عضو مجلس نقابة الأطباء، أن اقتراح الحكومة بعدم تجديد إجازات الأطباء العاملين فى الخارج كحل للقضاء على أزمة نقص الأطباء فى المستشفيات الحكومة لن يؤدى إلا لزيادة نسبة العجز

وأوضح "الطاهر" لـ "الدستور" أن هناك نسبة كبيرة من الأطباء العاملين بالخارج يعودون للعمل فى القطاع الحكومى، وقرار عدم تجديد الإجازات سيؤدى إلى استقالتهم أو انقطاعهم عن العمل، مما سيؤدى إلى زيادة نسبة العجز

وأشار إلى أن أى طبيب فى مصر مرتبه 2500 جنيه لن يرفض عرض للعمل فى الدول العربية بـ30 أو 40 ألف جنيه، حيث أن السنة التى يعمل فيها الطبيب خارج مصر تساوى ما يحصله فى مصر حتى سن المعاش، وبالتالى سيتمسك بالعمل فى الخارج حتى لو كان الفصل الحكومى هو المقابل

وأضاف "الطاهر" أن مدة عمل الأطباء خارج مصر لا تزيد عن 6 سنوات إلا القليل منهم، لافتًا إلى أن إجبارهم على عدم تجديد الإجازات سيؤدى إلى عدم عودتهم مرة أخرى للعمل الحكومى، لافتًا إلى أن ما أثير مخالف لقرار مجلس الوزراء والخاص بحرية الإجازات، والتفكير فى إصدار قرار بذلك هو أمر كارثى مبنى على نظرة قاصرة جدا

وأكد عضو مجلس نقابة الأطباء أن القضاء على عجز الأطباء لن يتم إلا بتحسين بيئة العمل وتوفير الإمكانيات والمستلزمات الطبية اللازمة، وتحسين أجور الفريق الطبى، لافتًا إلى أن الطبيب إذا حصل على ربع المرتب فقط الذى يتم صرفه للعاملين فى الخارج لن يفكر فى السفر لخارج مصر

د. إيهاب الطاهر

فيما قال الدكتور أيمن فودة، كبير الأطباء الشرعيين سابقًا، إن مصلحة الطب الشعري تعانى كثيرًا من نقص الأطباء الشرعيين الذين تربيهم المصلحة وتختطفهم الدول العربية، مطالبًا بزيادة رواتب الأطباء الشرعيين التي لا تتناسب مع المجتمع الحالي، ففي الخارج يحصل الطبيب على 150 ألف جنيه شهريًا، أما في مصر لا يصل 1 على 20 من هذا الرقم

د. أيمن فودة

وتحدث عن أن تخصص الطب الشرعي الميداني الخاص بتشريح الجثث والكشف على ضحايا الانتهاكات الجنسية، عددهم 100 طبيب وهم في نقصان قد يصل وجودهم إلى 75 طبيبًا فقط، لأنه من المفترض أن 25% من الأطباء الشرعيين الموجودين على قوة العمل مسموح لهم بالإعارة والسفر للخارج و75% متواجدين بالمصلحة، وهذا النقصان يؤثر على دقة التقارير

ومن خلال دورة بحثية، وجدنا أنه في الفترة بين يناير وأغسطس من العام الحالي استقال 593 طبيبًا من وزارة الصحة وفقًا لما رصدته نقابة الأطباء، حيث حولوا صفة عضويتهم النقابية من طبيب عامل بالوزارة إلى طبيب حُرّ فقط، دون أن يشمل الحاصلين على إجازة بدون مرتب أو المستقيلين دون تغيير صفتهم، الذين إذا أضيفوا سيتضاعف عدد من تركوا مستشفيات الوزارة ما بين 10 و15 ضعف

وفي 2016، بلغ عدد اﻷطباء العاملين في القطاع الحكومي في مصر 103 آلاف طبيب، بحسب إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة واﻹحصاء، منهم حوالي 80 ألف في مستشفيات ووحدات مديريات الصحة والمستشفيات والمعاهد التعليمية، والذين يزيدون بفارق ضئيل عن عدد اﻷطباء المصريين العاملين في السعودية، والبالغ 69 ألف طبيب

بحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية لعام 2014، يتوافر في مصر 2.2 مقدم للرعاية الصحية (أطباء وتمريض وغيرهم) لكل 1000 مواطن، وهي نسبة تقل عن الحد اﻷدنى الذي حددته المنظمة بـ3.4 لكل 1000 مواطن، وهناك أقل من طبيب واحد لكل 1000 مواطن

وبحسب تقدير مقرر اللجنة القانونية لنقابة اﻷطباء في 2013، 45% من مجموع الأطباء يعملون في القاهرة الكبرى

Credits:

Created with images by Martin Brosy - "Doctor with a stethoscope" • valelopardo - "doctor tomograph i am a student hospital" • Bru-nO - "blood pressure blood pressure monitor blood circulation"

Report Abuse

If you feel that this video content violates the Adobe Terms of Use, you may report this content by filling out this quick form.

To report a Copyright Violation, please follow Section 17 in the Terms of Use.