Loading

السيارة ترجع إلى الخلف الدستور تكشف محطات تخلط البنزين بالمياه.. والنتيجة دماء على الأسفلت

إسلام الشرنوبي ـ وليد زيدان تصميم: ندى عسل

كانت نظرات الرعب تسيطر على عين "أشرف محمد" وهو يرى الدخان يخرج من مقدمة سيارته الجديدة، فأوقف السيارة على جانب الطريق، وفتحها متوقعا أن يكون قد نسي تزويدها بالماء، وبعد دقائق وجد أن الدخان يخرج من المحرك نفسه، فطلب سيارة لقطرها، وفي التوكيل كان على موعد مهندس ليخبره بأن محرك السيارة تعرض للتلف التام، نتيجة تزويدها بوقود غير مطابق للمواصفات العالمية بمعنى أكثر بساطة "مغشوش ومخلوط بمواد أخرى".

قرر أشرف اِتباع الطريق الرسمي في الحصول على حقّه من محطة الوقود التي يتعامل معها دائمًا، والتابعة لشركة كبيرة في مجال الوقود بشارع الخليفة المأمون، إذ تقدم بشكوى للشركة التي ردت عليه بأنها "ستبحث الشكوى وترد عليه"، ولكن الرد لم يصل إليه حتى كتابة هذه السطور

أشرف محمد، كان بداية الخيط لهذا التحقيق الذي تكشف فيه "الدستور" الغش الذي تقوم به بعض المحطات، عن طريق خلط الوقود بمواد سولارية أو مياه ما يتسبب في إفساد محركات السيارات

كارولين. أ" كانت ضحية أخرى للوقود المخلوط في إحدى محطات وقود مصر الجديدة، إذ تتعامل بصفة يومية مع المحطة نفسها، لكنها اكتشفت بعد ذلك تلف محرك سيارتها الجديدة، فكتبت تدوينة عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قالت فيها إنها تتزود بالوقود لسيارتها التي اشترتها منذ 6 أشهر من محطة الوقود الأقرب لمنزلها في المريلاند، وأنها منذ شراء السيارة شعرت بأن بها عيب فسرعتها قليلة ولا تسير بصورة طبيعية

وطبقا لتدوينة كارولين فإنها توجهت للتوكيل الخاص بماركة سيارتها، ليقول لها المهندس إن الوقود الموجود في خزان سيارتها "سولار مخلوط بماء"، وأحضر عينة من خزان سيارة أخرى لوقود "بنزين" لترى الفرق بين الاثنين

"الدستور" تواصلت معها لتؤكد أنها فور إبلاغها من التوكيل توجهت مباشرة إلى المحطة وطلبت مقابلة المدير، وبعد أن روت له ما حدث رفض ما قالته، وأخرج لها زجاجة من جانب مكتبه لعينة من نوع الوقود "بنزين"، لكنها طلبت منه عينه من الموجود في "الخزانات" التي يتم تموين السيارات بها لكنه رفض طلبها.

أكد مصطفى سعيد فني سيارات، أن أكثر المشكلات التي يواجهها فني السيارات سببها "غش البنزين" من قِبل محطات الوقود، الذي يؤدي في النهاية إلى إتلاف المحرك، مضيفًا أن خلط البنزين بالسولار يؤدى إلى تصاعد أدخنة بيضاء من السيارة وتتوقف فورًا أما خلطه ببنزين من نوع آخر فتظهر آثاره بعد فترة على حسب نوع البنزين المخلوط، وقد تتلف السيارة إذا لم يتم عرضها سريعًا على مركز الصيانة

وأنهى حديثه بمطالبته من جهاز حماية المستهلك والجهات الرقابية بفرض العقوبات على المحطات التي تخالف المعايير وتخلط البنزين بالمواد البترولية والمواد الأخرى

من جانبه، قال المهندس إبراهيم زهران مساعد نائب رئيس هيئة البترول للإنتاج، ورئيس شركة بترو أمير لـ"الدستور" عن خلط المواد البترولية بمواد أخرى غير سليمة، إن الوزارة أخلت مسؤوليتها تمامًا بعد أن أخرجت السيارة المحملة بالمواد البترولية بالشكل السليم وبالمواصفات المطلوبة، فـالخلط دائمًا يأتي من عند السائق ومعه صاحب محطة الوقود.

وتابع زهران "عربية البنزين بتطلع متجهة للمحطة، وهي في وسط السكة، بيتم نزول البراميل وتغييرها بالمياه والجاز، أو أي مادة رخيصة لكي يستفيد من فارق السعر، بالاتفاق مع صاحب المحطة، منوهًا بأن "الوزارة مش هتعمل عصابة وتنصب"، بحسب تعبيره

وحول المسؤولية القانونية، عبّر مساعد نائب رئيس هيئة البترول للإنتاج، أنه لا بد على مباحث التموين أن تعمل جاهدة على منع ذلك الغش عن طريق أخذ عينات بشكل دوري من محطات الوقود ومعرفة مدى مطابقتها للمواصفات ولو هناك أي خلط تم يكون هناك جناية لصاحب المحطة، معبرًا عن ذلك بـ "المسألة ماشية شيلني وشيلك"، على حد قوله

وعن إمكانية حدوث ذلك الخلط من جانب الوزارة، قال زهران "يستحيل يكون في خلط، نحن نستلم من معمل تكرير حكومي ومن مستودع حكومي، لا يوجد أي شخص له مصلحة في هذا، لا بد لكي يحدث عمل مخل بالقانون أن يكون هناك عائد، فلو سلمتها ١٠٠٪ بنزين مثل تسليمها وبها نسبة من الماء أو السولار

وحول العقوبة التي توقع على أصحاب محطات الوقود، قال رئيس شركة بترو أمير "العقوبة بسيطة لا تزيد عن غرامة تقريبًا ٥٠٠ جنيه، وهي عقوبة غير رادعة، مطالبا الشرطة وبخاصة شرطة التموين القيام بدورها، لأن لديهم صلاحيات المرور على أي محطة وأخذ عينة ومحاسبة المخطئ، لكن الذي يحدث أن هناك من يعرف ذلك؟ ويقوم بتبليغ أصحاب المحطات

توجهت "الدستور" لمحطة الوقود التي اتهمتها السيدة كارولين لمقابلة مديرها ومعرفة حقيقة شكوتها، فأكد المهندس وليد فاروق أن الواقعة حقيقية ولم يكذبها ولكنه نفى كل الاتهامات التي وجهتها كارولين قائلاً: "هناك أكثر من مائة سيارة تقوم بالتموين من المحطة يوميًا ولم يشتكِ أحد من نوع البنزين، فالمحطة موجودة منذ أكثر من عشر سنوات ولم يسبق أن تعرضت لمثل تلك الواقعة

لكنه فى الوقت ذاته أكد إمكانية حدوث خطأ من عامل المحطة بالتموين ببنزين 90 بدلا من 92 لكنه نفى بشكل قاطع أن يتم خلط البنزين بأي مواد سولارية بحجة أن المحطة ليس بها سولار من الاساس

وقال فاروق، "السيدة كارولين جاءت إلى المحطة بالفعل وعرضت مشكلتها، وتم الرد عليها بأن السيارة لا يمكن أن تسير خطوتين إذا تم تزويدها بالسولار، لكنها أصرت على أن تعوضها المحطة بتموين سيارتها ببنزين 95 لتنظيف التانك، وهو ما رفضناه، لأن المحطة تابعة لشركة كبيرة ومعروفة ولا نقبل الشك فى جودة البنزين أو توجيه اتهامات بالخلط".

وتابع مدير المحطة، "الجهات الرقابية جاءت إلينا، وأخذوا عينة من كل أنواع البنزين الموجود بالمحطة، وظهرت النتيجة إيجابية وخالية من أي خليط بمواد بترولية أو سولارية، أما الادعاءات التي تم ذكرها هدفها التشهير بالمحطة وبالشركة ولكن مع ثقة الناس بنا لم نتأثر على الإطلاق

وأكمل "مستودع الوقود الخاص بالشركة موجود في الهايكستب، ويتم عمل عينة قبل ملء الوقود في التانكات، وإذا أثبتت العينة وجود نقطة مياه أو أي مواد أخرى، يتم عودة سيارة الوقود إلى المستودع مرة آخري

متحدث "البترول": الشكاوى كثيرة و"مش هاحلل بنفسي"

تواصلت "الدستور" مع وزارة البترول للحديث بشأن خلط مواد البنزين بالجاز وهو ما يضعف محركات السيارات ويجعلها غير قادرة على القيام بدورها بشكل سليم، إذ أكد المتحدث باسم وزارة البترول حمدي عبد العزيز، أنه لا بد وأن يُقدم شكوى لكي يكون للوزارة دخل بالأمر، مشيرًا إلى أن هيئة البترول هي المعنية بالأمر برمته

وتابع عبد العزيز، الذي أكد له محرر الدستور أن هناك بلاغات كثيرة قُدمت على مدار الفترة الأخيرة ومن الممكن إعطائها له لكي يحقق في الأمر كما طالب سابقًا، "بكرة كلمني الصبح وخليك تتواصل مع نائب رئيس هيئة البترول وتتواصل معاهم عشان ياخدوا عينة ويشوفوا المحطة تابعة لأي الشركات الموجودة

حماية المستهلك: غش الوقود يُسيل الدماء على الأسفلت
وتوجهت "الدستور" لجهاز حماية المستهلك، لتعبر رئيس جمعية حقوق المستهلك سعاد الديب عن رفضها لكلام المسؤولين في وزارة البترول، مؤكدة "العربيات الخاصة بالوزارة من الممكن أن يتم التلاعب في البنزين الموجود بها في الطريق، وزارة البترول هي التي تقوم بالتوريد للمحطات وهي تتعاقد معها، ولو أي محطة وقود ارتكبت أي خطأ لا بد من وضعها في "البلاك ليست" وعدم توريد لها مرة آخري

وتابعت الديب في تصريحات لـ"الدستور": "الغش لا يُكتشف إلا من خلال المستهلك الذي يقوم بالتبليغ عندما يظهر أن سيارته كفاءتها قلّت، وعند التبليغ نرسل لمباحث التموين التي تتخذ الإجراءات، فالغش في البنزين يؤدي إلى حوادث كثيرة ويسفك دماءنا على الأسفلت".

وعن العقوبة، قالت لا بد ألا تقل عن نصف مليون جنيه، وليس كما هي الآن ما بين خمسة آلاف إلى مئة ألف جنيه

وعند طلب بعض المعلومات والأرقام الخاصة بمحطات الوقود ومحاضر الضبط والبلاغات التي قدمت لهم، أكدت الديب "المعلومات والأرقام حدث ولا حرج، وزارة البترول المعنية بهذا ومعها مباحث التموين، القضية لا بد وأن تُطرح بشكل فعلي، تضييع الوقت ده له ثمن

وعبّرت الديب عن ضيقها من مثل هذه الكوارث، "ما يحدث هو فوضى تؤدي لكوارث"، مؤكدة أن في مصر إهمال شديد يؤدي إلى القتل العمد في حوادث الطرق " اللي يموتوا من الإهمال أكتر بكثير من اللي بيروحوا ضحايا الإرهاب"، بحسب تعبيرها

وأنهت رئيس جمعية حقوق المستهلك حديثها بأنها كانت في مجلس النواب وأكدت لهم أن إمكانيات جهاز حماية المستهلك ضعيفة ولا بد من تحمل كل جهة معنية المشكلات الموجودة في قطاعها

الإحصاء: السيارات تستهلك ٢٠ ألف طن بنزين يوميا

وأصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء نشرة معلوماتية في أبريل ٢٠١٦ جاء فيها أن إجمالي عدد المركبات المرخصة في مصر بلغ 8.6 مليون مركبة، منها 3.3 مليون مركبة بنسبة 38% بالمحافظات الحضـرية، 2.7 مليون مركبة بنسبة 31.5% بمحافظات الوجه البحري، و2.4 مليون مركبة بنسبة 28.1% بمحافظات الوجـه القبلي، و206.8 ألف مركبة بنسبة 2.4% بمحافظات الحدود

وأكد الإحصاء في نشرته المعلوماتية، أن محافظة القاهرة في المرتبـة الأولى، إذ بلغت عدد المركـبات بها 2.3 مليون مركبة بنسبة 26.5% تليها محافظـة الجيزة بعدد مليون مركبة بنسبة 11.6%، ثم محافظة الإسكندرية في المرتبـة الثالثة بعـدد 752.9 ألف مركبة بنسبة 8.7%، وجاءت محافظة شمال سيناء في المرتبة الأخيرة حيث بلغت عدد المركبات بها 21.0 ألف مركبة بنسبة 0.3% من إجمالي المركبات

وتابع التقرير أنّ حجم استهلاك هذه المركبات من الوقود يقدر بنحو ٤٠ ألف طن سولار يوميا و٢٠ ألف طن بنزين

الغرفة التجارية: المسؤولية عند مباحث التموين

أكد الدكتور حسام عرفات رئيس شعبة المواد البترولية بالاتحاد العام للغرف التجارية أن التلاعب في محطات البنزين يكون بشكل جزئي وبسيط من جانب ضعاف النفوس الذين يحتاجون كسب الأموال بشكل غير مشروع، عن طريق إضافة المياه مع السولار، وإضافة السولار بالبنزين

وتابع عرفات في حديثه مع "الدستور" أن الخلل يتم اكتشافه من خلال المحرك، الذي يظهر عليه تردي الكفاءة، منوهًا بأن "العربيات الجديدة حساسة بشكل كبير فيظهر عليها الخلط ويضعف من كفاءة الموتور لديها، وعلشان تُحكِم هذا التلاعب هناك صعوبة بالغة، فلا بد من أخذ عينه وتحليلها

وأشار إلى أنه لا يوجد أي محطة وقود معروف عنها أنها تقوم بالخلط، ولو ثبت ذلك فلماذا تتركها الجهات الرقابية دون اتخاذ أي إجراء؟ مضيفًا "التخويف مش من الحملات الرقابية والاستكشافية، التخويف من عند ربنا الأول والضمير، فلو الناس نفوسها ضعيفة سوف يحدث التلاعب"، مشيرًا إلى أن وزارة البترول مَنوط بها توفير المواد البترولية فقط ومباحث التموين هي المسؤولة عن التلاعب؟

وأكد رئيس شعبة المواد البترولية أنه "لا بد وأن يكون هناك وعي، لأن المشكلة لا يمكن قياسها إلا بشكل لحظي، ليس بعدها بعدة أيام بعدم تزود السيارة بالوقود من عدة محطات"، مشيرا إلى أنه يمكن أن الخزان ليس نظيفا أو به تراب أو ترسبات ما يعكر المحرك

Report Abuse

If you feel that this video content violates the Adobe Terms of Use, you may report this content by filling out this quick form.

To report a Copyright Violation, please follow Section 17 in the Terms of Use.