Loading

قادرون مع وقف التنفيذ أزمات دمج ذوي الإعاقة فى المدارس الحكومية

عبير جمال-كمال عبد الرحمن

فى أغسطس 2017 أصدر وزير التربية والتعليم قرار دمج الطلاب ذوى الإعاقة البسيطة بالمدارس الحكومية العادية والخاصة والرسمية للغات فى جميع مراحل التعليم، واشترط القرار حتى يندمج الطالب ذوى الاعاقة فى المدرسة أن تكون قريبة من محل إقامته بها وأن تتوافر بها غرفة مصادر أو غرفة للمعرفة، بحيث لا تزيد نسبة التلاميذ ذوى الاحتياجات على 10% من العدد الكلى للفصل بحد أقصى 4 تلاميذ، وأن يكونوا من نفس نوع الإعاقة.

ورغم بدء تفعيل القرار ودخول عدد من ذوى الاحتياجات الخاصة فى مدارس حكومية بالفعل إلا أن عددا من الانتقادات وجهت لهذا النظام حتى تقدم فرج عامر، رئيس لجنة الصناعة بمجلس النواب بطلب إحاطة لرئيس مجلس النواب، لإعادة النظر في تنفيذ القرار، مرجعا ذلك إلى المشكلات التى تعوق تنفيذه مثل قلة الأماكن المخصصة لاستقبال هؤلاء الطلاب وعدم وجود كوادر كافية من المدرسين المدربين للتعامل مع هؤلاء الطلبة وقلة غرف المصادر الخاصة المخصصة لذوى الاحتياجات والتى لم تتعدى الألف غرفة على مستوى الجمهورية، وعدم وضوح دور لجنة التقييم النفسي التى تتواصل مع الطلبة المدمجين

دمج ذوى الاحتياجات الخاصة

وقالت منى مجدى، معلمة بمدرسة الأمل للصم وضعاف السمع، ومن مؤيدى فكرة الدمج: "الفكرة فى حد ذاتها كويسة لكن العبرة بالتنفيذ وإمكانية تأهيل المدارس لاستيعاب ذوى الاحتياجات بشكل فعلى"، مؤكدة على أن الدمج يساعد ذوى الاحتياجات الخاصة فى الانخراط فى المجتمع كأشخاص عاديين لهم نفس الحقوق والواجبات وتسهل تقبل المجتمع لهم لأن نظرائهم من الأطفال سيعتادون وجودهم والتعامل معهم، لكن الأزمة أن كل ذلك يحتاج لتأهيل واستعدادات نفسية معينة سواء للطلبة أو للمدرسين حماية لذوى الاحتياجات من التنمر أو ما شابه

ولفتت "مجدي"، إلى أن هناك تحايل على قرار الدمج، حيث يقوم بعض أولياء الأمور بتزوير تقارير تثبت وجود نسبة إعاقة لدى أطفالهم حتى يستفيدوا بسهولة الامتحان وتحقيق درجات عالية حيث أن امتحان ذوى القدرات الخاصة يكون أقل صعوبة من امتحان الطلبة العاديين

رزق الله زوج وزوجة بـ3أطفال أكبرهم في الصف الثاني الإعدادي وأوسطهم في الخامس الابتدائي والآخر في الرابع، لكن مع طفلهما الأخير اكتشفا أنه من ذوى الإعاقات الخفيفة، حيث أنه مُصاباً بما يُسمى "الكهرباء الزائدة" على المخ، فبدأ رحلة علاجه منذ كان عمره شهوراً، كان يأخذ علاجاً كيميائياً أملاً في الشفاء لكنه لم يٌشف، وظل المرض ملازمه رغم تخطى نسبة ذكاؤه الـ90%، إلا أن نسبة تحصيله تكاد تكون منعدمة، ويدخل في نوبات أحياناً، تجعله غير قادر على التحكم في تصرفاته، وعند سن المدرسة تقدما الوالدان بأوراقه في مدرسة قريتهما الواقعة بأحد مراكز محافظة كفر الشيخ، ولأن المعلمون غير مؤهلون للتعامل مع مثل حالاته، يكون رد فعل الطفل أحياناً مفاجئ لهم

"خد أبنك طلعه من المدرسة أحسن، وديه مدرسة داخلية أو متخصصة، علشان يقدر يتعايش، بيضايق الطلاب والمدرسين"، كلمات ترددها إدارة المدرسة على مسامع أحمد الدسوقي محمد، البالغ من العمر 31عاماً، كلما فاجأ ابن "الدسوقي"، إحدى المعلمات أو أحد الطلاب بفعل غريب، لكن الأب لم يبال بسبب بُعد المدارس المتخصصة بمئات الكيلو مترات عن منزله، فمع كل مرة يكون رده: "حاضر حقكم عليا"، وبرغم رحلة العلاج التي امتدت لنحو 10 أعوام إلا انه لم يُشف

يقول الأب: "إن ذوى الإعاقات البسيطة لم يجدوا من يتعامل معهم في مدارسهم، على اختلاف ذوى الاحتياجات الخاصة الكبيرة والتي خُصصت لهم مدارس ، لكن هؤلاء هم الفئة التي تتعرض للظلم، ومدارسنا تفتقر لوجود كوادر مُدربة للتعامل معهم، ولا أماكن مُخصصة لهم، ومع ذلك يذهب إلى المدرسة لكنه يعانى من تصرفات لا إرادية فأحياناً يميل للسلوك العدواني ويضرب زميله، ومرة أخرى يترك فصله دون استئذان معلمته، وثالثة يفقد تركيزه"

ويضيف: "أنه لابد أن يكون هناك أماكن ومدارس مهيأة لاستقبال هؤلاء قبل تطبيق قرار الدمج، لأنهم بالفعل موجودون بها لكنهم يعانون، سواء من عدم القدرة على التعامل معهم أو عدم تنمية قدراتهم، خاصة إن الدمج لا يعني مجرد وضع الأطفال ذوى الإعاقات والأطفال غير المعاقين في المكان نفسه، فلابد إن يُهيئ الأسوياء لقبول هؤلاء أولاً، ثم تُعدل المناهج لتنمية قدراتهم، وتوفير البرامج الخاصة بهم"

وقبل 11 عاماً اكتشفت منال محمد، البالغة من العمر نحو 40عاماً، إصابة ابنتها أمل أشرف بـ"متلازمة داون"، وهى إحدى الحالات التي تُصنف على أنها من ذوى الإعاقات أو الاحتياجات الخاصة، حيث استقبلت الأم طفلتها بابتسامة رضا، وتذكرت حكمة الله سبحانه وتعالى في رزقها بهذا المرض، وعندما جاء سن المدرسة قدمت أوراقها في إحدى المدارس الحكومية، دون إجراء اي اختبارات لكن الطفلة بدأت معاناتها تظهر مع عدم استطاعتها الاندماج ولعدم وجود أماكن مخصصة في المدرسة ولا معلمين متخصصين

تقول الأم لـ"الدستور": "لم أستطع التقديم لابنتي في مدارس متخصصة لعدم وجودها وبالتالي قدمت لها في مدرسة حكومية، لكنني فوجئت بأن زملاءها يعنفونها دون أن تدرى ماذا يقولون، بالإضافة إلى أن المعلمين ليسوا متخصصين وبالتالي لا يستطيعون التعامل معها، خاصة وأن الأطفال من هذا النوع لابد أن يعاملوا معاملة خاصة، وبالرغم من ذكاءها إلا إنها لم تستطع التأقلم، فلابد أن يكون هناك رعاية خاصة لهؤلاء، تبدأ من تدريب الطفل وتنمية مهاراته العقلية وتعليمه النطق أولاً، لكن مدارسنا ليست مؤهلة لذلك

وتضيف قائلة: "مفيش دمج، الدمج بيحصل على ورق فقط، مفيش متخصصين، وبنتي كان مصيرها إنها قعدت في البيت، مكملتش تعليمها، وتحتاج لرعاية أكبر ما يحملني عبء كبير، وقرار دمج الطلاب في المدارس الحكومية تطبيقه صعب، معندناش مدارس مهيأة تستقبل ذوى الإعاقات البسيطة، والسنة اللي فاتت الوزير أصدر قرار بدمج التلاميذ لكن متنفذش في صعوبة جداً وهيبقى زى قلته"

ومن جانبه أكد الدكتور كمال مغيث الخبير التربوى، على استحالة الدمج العملى فى هذه المرحلة لعدم جاهزية المدارس ولا المدرسين ولا الطلبة فى المدارس العادية للتعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة، موضحا أن هناك مشاكل كثيرة تعانى منها المدارس منها الفوضى والعشوائية والتنمر وبالتالى هذه البيئة ستكون مدمرة لذوى الاحتياجات الخاصة ولن تقدم لهم أى جديد بل ستكون عائق أمامهم

وقال "مغيث" لـ"الدستور"، إن ذوى الإعاقة لهم سيكولوجية خاصة والتعامل معهم يجب أن يكون بطريقة معينة تختلف عن التعامل مع الطلبة العاديين، ولكن الظروف غير مناسبة على الإطلاق لذلك من الأفضل أن يتم الاهتمام بتعليمهم فى المدارس المخصصة لهم، مؤكدا أن عدد ذوى الاحتياجات المسجلين فى وزارة التربية والتعليم أقل من 50 ألف طالب وهو رقم أقل من 5 % من عدد ذوى الاحتياجات فى مصر

صورة تعبيرية

Report Abuse

If you feel that this video content violates the Adobe Terms of Use, you may report this content by filling out this quick form.

To report a Copyright Violation, please follow Section 17 in the Terms of Use.