أريج الجيار - هاني سميح
كان نفسي أكمل دراستي براحتي قبل ماتجوز واتشغل بتربية الأولاد"، هذا ما قالته "أمنية"، 26 عام، تزوجت وهي في سن ال16 من رجل عمره 30 عام تقدم إليها وسرعان ما وافق أهلها عليه، ولم تطول فترة الخطوبة سوى ستة أشهر وهي مازالت في مرحلة الثانوية، ودخلت أمنية الجامعة وهي تحمل طفلها الذي يبلغ من العمر ثلاثة أشهر، فلم تستطع التوفيق بين تربيتها للطفل ومتابعة دراستها
انشغال "أمنية" بالطفل جعلها ترسب في الجامعة سنتين متتاليتين، حتى تم فصلها نهائيا، وتقول: "اضطريت ادخل جامعة خاصة رغم خناقاتي مع جوزي على مصاريفها لحد ما استلفت من أهلي وبدأت من الأول". ومن هنا بدأت المشاكل تزيد بين أمنية وزوجها بسبب عدم تنسيق وقتها بين البيت والحياة الدراسية
تعرضت "أمينة" للسب، والتطاول من زوجها بالضرب أحيانًا، ما عقد الأمور بينهما، ودفعها لطلب الطلاق، لكن كان يقابل طلبها بالرفض دائمًا، ولا تلقى منه إلا مزيدًا من العنف والتطاول
تقول الدكتورة أميمة عبدالله أخصائية الصحة النفسية والإرشاد النفسي بجامعة عين شمس، أن تخطي مرحلة هامة في حياة الفتاة هي مرحلة المراهقة، والتي تتشكل فيها شخصيتها، وأساليبها في التعامل مع الآخر، وبمجرد زواجها في تلك الفترة تنشغل بمسؤوليتها، وتفقد تلك المرحلة من تلقي المعلومات والتعليمات وتشكيل الحياة وتكوين الشخصية
وأوضحت "عبدالله" وجود صعوبة فى إتمام العملية التعليمية نتيجة زواجها المبكر، وبناء عليه لم تحصل على شهادة تكون سلاح لها فى المستقبل مما يؤدى إلى صعوبة فى حصولها على وظيفة مناسبة لحدوث أى ظرف، وصعوبة فى تربية أطفالها قائلة: "الأم مدرسة"، وتفرز فى المجتمع جيل غير واعٍ
وأردفت الدكتورة أنه ينتج عن الزواج المبكر تحمل مسؤولية فى سن صغير والمسؤولية تتضاعف وتهتك جدار الرحم فتضعف من صحتها، وأحيانا تؤدى إلى الوفاة، مؤكدة أن أغلب حالات الزواج المبكر تؤدى إلى الطلاق المبكر
فيما أشارت عبدالله إلى أن هناك أحد الإستشارات التى أتت إليها صادفتها أن هناك أم تزوجت صغيرة وعندما كبرت بنتها ووصلت لسن المراهقة أى سن زواج الأم، لم تعرف كيف تتعامل مع بنتها ولم تتمنى زواج بنتها فى هذه المرحلة العمرية
فتاة أخرى لم يكتمل عمرها 15 عام أجبرها والدها على الزواج للتخلص من مصاريفها الشخصية ومعاناته مع ثلاث أطفال غيرها، "الدستور" تواصلت مع والد الفتاة الذي يعمل كغفير لأحد العقارات السكنية بمنطقة فيصل في محافظة الجيزة، موضحا أنه ينتظر بناته أن تكبر مثلها ليزوجهم لعدم مقدرته على توفير احتياجتهم من أكل وشرب
البنت تزوجت من أحد سائقين التوك توك بالمنطقة القاطنين بها لمجرد أنه يمتلك أوضة صغيرة في حي شعبي يستطيعون العيش به، حسب كلام الغفير، مشيرا أن ابنته تأتي إليه كل يوم غاضبة أن زوجها يعاملها أسوء معاملة ويتطاول عليها بالأيدي حتى أصابها بتشوه في وجهها ذات مرة
أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، "أحمد كريمة"، يقول أن زواج القاصرات التى لم يبلغن سن الرشد "18 عاما" يعتبر هذا النوع من الزواج على خلاف الأولى، لأن عقد الزواج من أركانه أهلية المتعاقدين وهى الأهلية الشرعية من الرشد والعقل ومعلوم أن العقود فى الشريعة الإسلامية لا تصح إلا بالأهلية الشرعية
وتابع كريمة أن الفتاة الأقل من 18 عاما فاقدة للأهلية الشرعية، وبالتالى ستكون إشكالية فى صحة العقد، وينصح بمراعاة الرشد فى عقد الزواج وإعمالا لقاعدة دفع المفاسد مقدم على دفع المصالح
ونبه أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر على ما يستند إليه البعض من زواج السيدة عائشة رضى الله عنها أن هذا خطأ، والصحيح أن زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى سن 18 عاما وليس أقل من ذلك
وزارة التضامن الإجتماعي ستصدر قانون يجرم الزواج المبكر اعتبارا من شهر أبريل القادم، والعقوبة ستنفذ على كل من سيشارك في هذا الفعل سواء الأب أو الأم أو المأذون بالسجن المشدد، وهيئة كبار العلماء بالأزهر وافقوا على هذا القانون بشكل رسمي للحد من هذه الظاهرة خلال الفترة القادمة
الحاجة "هويدة"، 44 عام، تحكي تجربتها مع الزواج المبكر قائلة أنها تزوجت في سن ال16 حين أقتعها والدها على الزواج من أحد أصدقائه في العمل الذي كان يفوقها في العمر بمقدار 12 عام، وعن التجربة "كانت ظروفه حلوة وهو ده السبب في أن ابويا يطمن عليا معاه، لكن شخصيته ظهرت على حقيقتها بعد خمس سنين جواز"
الطلاق المبكر كان مصير "هويدة" بسبب تعدد الخلافات مع زوجها وعدم التفاهم بينهم للفرق الكبير في العمر، موضحة أن مع أول مشكلة كبيرة واجهتها في وفاة والدها واحتياجها للمال تخلى عنها الزوج حتى طلبت الطلاق منه، ولم يتردد كثيرا في اتخاذ القرار، وظلت "هويدة" بدون زواج حتى يومنا هذا لتشاؤمها من هذا القرار رغم تقدم العديد من العرسان لها
أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، دراسة تفصيلية بشأن الزواج المبكر في مصر، أوضحت أن عدد حالات الزواج المبكر من فئة 10 - 17 عام يبلغوا 117220 فردًا بنسبة 0.8% من إجمالي السكان، مما أدى لوجود نسبة كبيرة في تسرب التعليم بينهم قدرها 36%، وبين الفتيات بنسبة 25% ككل
Credits:
Created with images by Jordan Whitt - "untitled image" • Engin_Akyurt - "rope bondage model"