Loading

البيوت في زامبيا كتب: أماني عبدالغني - تصوير إحسان رمضان

مساحات شاسعة من الأراضي الخضراء لا يمكن للبصر أن يدرك نهاية حدودها، تتخذ أشكال عدة وتجتذب أنظار مراقبيها من فوق السحاب أثناء الهبوط بالطائرة إلى الدولة الواقعة في جنوب القارة السمراء، يختلج زائريها سيادة اللون الأخضر منذ اللحظة الأولي التي تطأ فيها قدمه أرضها، ويستشعر دفئاً في المكان يتلاشى معه الإحساس بالبعد الجغرافي للبلد الناء والحبيس أيضاً الذي يبعد عن قلب القارة الإفريقية، مصر، آلاف الأميال. تبث الابتسامة التي تعلو الوجوه شعوراً بالحميمية رغم كونه اللقاء الأول، المواطنون هنا وبرغم الوضع الاقتصادي الذي لا يعد مثالياً، راضون، وهو الرضا الذي يتجلى في عدة مظاهر ليس أقلها طبيعة منازلهم التي لا تتجاوز الطابق الواحد يعلوه سقف نصف هرمي

في أحد التجمعات السكنية في العاصمة لوساكا، وتحديداً في منطقة وانجوا، تصطف مجموعة من البيوت ذات الطابق الواحد، يسودها الهدوء، تكاد لا تسمع لها في بعض الأحيان صوتاً سوى صوت الرياح التي تتخلل وتشق طريقها وسط الممرات الضيقة الفاصلة بين البيوت. الحياة هنا بسيطة بكل مفرداتها وتكويناتها

قندويري جي البالغ من العمر 45 عامًا، أحد سكان التجمع السكني، يعمل كمدرس لمادتي التاريخ واللغة الإنجليزية، منزله يقع في إحدى مناطق العاصمة لوساكا، والتي تطل المستشفى القبطي عليها، والتي تمثل فاصلاً بين مجتمع الثراء ومجتمع الطبقة المتوسطة وربما الفقيرة، فالجهة الأمامية منها تطل على منازل فئة أعلى دخلاً، أما الجهة الخلفية فتطل على منازل لا تتعدى الطابق الواحد ويعيش أصحابها حياة بسيطة مجردة من كل ترف.

يقول قندويري: "الحياة هنا في مجتمعنا حياة عادية، متوسطة، فالمنطقة هنا تضم الطبقة متوسطة الدخل، لا تجد فقيراً ولا تجد غنياً". بسؤاله عن طبيعة البيوت وطرازها ولماذا هي من طابق واحد أوضح المعلم الأربعيني: "البيوت هنا من طابق واحد لعدة أسباب، أولها التكلفة العالية، فتعدد الطوابق يتطلب الكثير من مواد البناء، كما أننا ليس لدينا عدد كاف من الوافدين أو المهنيين الذين لديهم المعرفة بكيفية بناء أكثر من طابق، ومن لديهم القدرة على تحمل التكلفة بسبب قلة عدد هؤلاء المهنيين قليلون أيضاً، فإنك إما تلجأ إلى شركة أو أن تلجأ إلى أفراد وفي كلتا الحالتين فإن التكلفة مرتفعة للغاية، وهنا الأغلبية العظمى لا يمكنها تحمل هذه التكلفة".

المنازل ذات الطابق الواحد مثلما تجردت من الاتساع الرأسي الذي يتيح رؤية أرحب للمساحات الخضراء المحيطة بها تجردت كذلك من رفاهية الخدمات، فالبيوت ليس بها خدمات الغاز الطبيعي لأغراض الطهي، ويعتمد المواطنون على الخشب فقط لهذا الغرض.

لا يوجد لدينا غاز منزلي، نعتمد على "الشاكو" (الخشب)، لأن الغاز يتطلب أموال كتيرة

عن التعليم، يقول "قندويري": "الغالبية تذهب للمدرسة ولكن هناك مستوى عال من البطالة، لعدم توافر وظائف، ما يدفعهم إلى تناول الكحوليات بإفراط، وتجد الشباب يشربونها في الشارع أمام المارة".

الأمنيات هنا بسيطة أيضاً كبساطة الحياة، فقندويري الذي يفصل منزله عن المستشفى المصري بضعة أمتار لا يعلم أنه يقدم خدمة مجانية، ولهذا أعرب عن تمنيه لو أن المستشفى يفتح أبوابه لأهل منطقته. قندويري الذي يعمل مدرساً للتاريخ يتمنى أن يزور مصر وأن يرى الأهرامات التي بناها الفراعنة ودفنوا به ويرى أمام عينيه ما يقوم بتدريسه.

أتمنى أن اكمل دراستي واساعد أهلي بعد أن اجد عمل كممرضة

أما ماري التي تبلغ من العمر 14 عاماً، وتعيش بالمنطقة نفسها، فتتمنى أن تكمل دراستها وأن تصبح ممرضة، لأنها تحب هذه المهنة، وتقول: " أتمنى أن اكمل دراستي واساعد أهلي بعد أن اجد عمل كممرضة " تقولها بينما تقف وسط 4 ألواح من الخشب كانت تشكل محلاً بسيطاً اعتادت أمها أن تبيع من خلاله بعض السلع حتى تتمكن من تدبير المعيشة، قبل أن تجد عملاً في أحد المطاعم، توضح "ماري" التي تدرس الآن في الصف التاسع، 3 مواد فقط من بينها إدارة الأعمال والدين أن أمهاتهن يتعين عليهن العمل من أجل توفير المال للإنفاق على تعليم أبنائهن.

Report Abuse

If you feel that this video content violates the Adobe Terms of Use, you may report this content by filling out this quick form.

To report a copyright violation, please follow the DMCA section in the Terms of Use.