Loading

لا مطلقات فى هذه المدينة أصحاب عقارات يرفضون التأجير للمطلقات تحت شعار مش عاوزين وجع دماغ

كتبت : نادية مبروك

"حين تطلقت توقعت أن يكون هذا أسوأ ما سيمر على، ولكن الأسوأ كان نظرات السماسرة وأصحاب العقارات حين ذهبت لتأجير شقة" بهذه الكلمات بدأت إيمان العربي، اسم مستعار بناء على رغبتها، حديثها مع "الدستور".

إيمان واحدة من الآف المطلقات المصريات اللاتي يلاقين أزمة في الحصول على مسكن بالإيجار ليعشن فيه بعد الطلاق، في هذا التحقيق تكشف "الدستور" رفع أصحاب العقارات شعار "لا سكن للمطلقات" بفعل موروثات اجتماعية، ونظرة دونية للنساء المطلقات

وتقول إيمان: تزوجت منذ 5 سنوات، في شقة يمتلكها طليقي في منزل العائلة، وبسبب تدخل والدته الدائم في حياتنا استحالت العشرة بيننا وطلبت الطلاق للضرر، وذلك بعد إنجابي طفلي الوحيد

وتضيف: "عائلتي بالكامل رفضت الطلاق، وأولهم أخي الذي رفض بحجة عدم خراب البيت، ولكن السبب الأساسي عدم رغبته في أن أعيش معه هو وزوجته، أما طليقي فقد طردنا من منزل العائلة دون أن يكون لي ولابني مكان نعيش فيه وهو يعلم ذلك، أما منزل أسرتي فقد تم تسليمه للمالك بعد زواجي مباشرة لكونه منزل مؤجر، ولم يكن أحد من أخوتي راغبًا في دفع الإيجار

قررت "إيمان" التي كانت في إجازة دون راتب من عملها كمعلمة، أن تعود لعملها، وتبحث عن شقة للإيجار تعيش فيها، ونظرًا لعدم حصولها على مستحقاتها من زوجها حتى الآن فبدأت البحث عن شقة للإيجار بنظام 3 سنوات ما يعفيها من دفع مقدم مرتفع

صورة لعقارات بها وحدات للإيجار بأرض اللواء

وتسرد إيمان: إمكاناتي لم تكن تتحمل سوى أن أؤجر في أحد المناطق الشعبية كأرض اللواء وإمبابة، وبخاصة وأنها قريبة من منطقة عملي في الدقي التي لا أتحمل السكن بها لارتفاع الإيجارات

تقول إيمان، البداية كانت مع سمسار في منطقة أرض اللواء الذي بمجرد علمه بأني مطلقة طلب رفع العمولة التي سيحصل عليها لأنه بحسب ما قاله لن يستطيع أن يجد لها شقة بسهولة لأن الملاك لا يفضلون تسكين المطلقات.

المطلقات دايما وراهم مشاكل.. بهذه الكلمات صدم السمسار إيمان، في تبريره لرفض الملاك تسكين المطلقات، وحين طالبته بالتفسير قال "الأحياء الشعبية لا تفضل أن تكون مطلقة في وسطهم، فحتى أن كان سلوكها منضبط فإن الأهالي وبخاصة الزوجات سيخشين على أزواجهن

أحد شوارع حي إمبابة

كانت الكلمات التي قالها السمسار كفيلة لكي تنهي "إيمان" التعامل معه وتبحث عن آخر، وبالفعل بحثت عن سمسار آخر، لتبدأ معه رحلة بحث عن شقة.

14 عقارا وجدت فيهم إيمان ضالتها، شقة متوسطة التشطيب يمكن الإقامة فيها، وبمساحة مناسبة بالإضافة إلى إيجار يناسب إمكاناتها إلا أن أصحاب الـ14 عقارا رفضوا تسكينها بمجرد علمهم بأنها مطلقة تحت شعار مش عاوزين مشاكل

وتقول إيمان، في كل مرة نتّفق على كل التفاصيل، بل إن في أحد المرات تم الشروع في كتابة عقد الإيجار وبمجرد علم صاحب العقار أن العقد سيكتب باسمي رفض، وطلب أن يكتب باسم زوجي وأوقع بدلاً منه وحين أخبرته بأني مطلقة قال بالنص أنا أسف لكن لا أسكن مطلقات

وتابعت إيمان: ما الاختلاف بيني وبين الزوجة المسافر زوجها، وما الفارق بيني وبين أي امرأة أخرى سوى لقب المطلقة الذي أصبحت دونه محرومة من السكن

في امبابة وجدت "إيمان" ضالتها أخيرًا، لكن بعد اضطرارها للكذب، إذ أخبرت صاحب المنزل أن زوجها مسافر، وجاءت بأخيها المتزوج ليكتب عقد الإيجار باسمه حتى عودة زوجها بناء على نصيحة السمسار الذي أكد لها أنها لن تحصل على شقة إلا بهذه الطريقة، وجعلت مراسلاتها الرسمية كلها على عنوان أخيها حتى لا يعلم طليقها العنوان الحالي ويتسبب لها بأزمة، وحتى لا تأتي أي مراسلات تخص القضايا العالقة بينها وبين طليقها على منزلها ويعلم الجيران والمالك أنها مطلقة

وإذا كانت "إيمان" استطاعت الحصول على سكن، فرضوى عبد العال ما زالت إلى الآن تبحث عن سكن جديد بعد إبداء صاحب المنزل رغبته في طردها، وبخاصة وأن طليقها سلّم عقد الإيجار للمالك

وتقول رضوى، تزوجت منذ 3 سنوات من زميل لي بالعمل، كانت بيننا قصة حب تبددت مع اختلاف الطباع الذي فوجئت به منذ اليوم الأول لإغلاق باب المنزل علينا، بعد مرور عامين لم يكن هناك فرصة لاستمرار زواجنا بعد ضربه لي أكثر من مرة

وتضيف رضوى، أقمت دعوى طلاق للضرر، ولأن حوادث اعتدائه بالضرب عليّ متكررة، قمت بتحرير محاضر واستطعت الحصول على طلاق سريع

وتابعت رضوى، حين تزوجت لم أشترط السكن في مسكن تمليك، واستطعنا الزواج في شقة للإيجار بالنظام القديم (59 عامًا) في منطقة فيصل بالجيزة، وظللت بالمسكن لأني حاضنة لطفلي الذي لم يبلغ العام بعد، ولكن طليقي وجدها فرصة لإذلالي فسلّم عقد الشقة للمالك مقابل استرداد المبلغ الذي دفعه عن تحرير العقد لأننا استلمنا الشقة بعد انتهاء تشطيبها، ومنحني صاحب المنزل مهلة 3 أشهر للرحيل، أو تأجير الشقة بدفع المبلغ نفسه الذي استلمه طليقي منه وهو 50 ألف جنيه

لم يكن أمام "رضوى" سوى البحث عن شقة أخرى؛ نظرًا لاستحالة دفع مبلغ الـ50 ألف جنيه، وعن طريق سمسار رشّحه صاحب العقار لرضوى بدأت رحلة البحث عن شقة

صورة لعقارات بمنطقة فيصل

لم يكن من الممكن لرضوى أن تخفي حقيقة كونها مطلقة على السمسار، لأن صاحب العقار حكى لها عن كل الظروف المحيطة بها، لترتفع في وجهها عبارة "لا سكن للمطلقات" أكثر من مرة، كان أكثرها وجعًا حين كتبت العقد لأحد الشقق إلا أن صاحب العقار اتصل بها في اليوم التالي ليخبرها أن شركاءه في العقار رفضوا تسكينها وأن عليها أن تأتي لتحصل على مبلغ التأمين والإيجار الذي دفعته، وحين هددته بأنها ستلجأ للشرطة أخبرها أن حتى إذا مكنتها الشرطة من الشقة فأنه "سيقوم بتطفيشها"، وأن أهل الشارع سيساعدونه لأنهم يرفضون تسكين المطلقات، وأنه يمكن أن يلفق لها الكثير من المصائب أو يحول حياتها لجحيم، وحينها ستفقد مبلغ التأمين والإيجار، لذلك فضلت رضوى الحصول على مبلغ التأمين والإيجار، ولجأت لبيع ذهبها وبعض أجهزتها، واقترضت مبلغ من عمها وأخيها ودفعت مبلغ الـ 50 ألف جنيه، وعاشت بشقة الزوجية ولكن بعقد يحمل اسمها هي وليس طليقها

وطبقا لتصريحات إعلامية لرئيسة المجلس القومي للمرأة الدكتورة مايا مرسي فإن عدد المطلقات في مصر يصل لـ460 ألف سيدة طبقًا لإحصاءات المجلس

لم يكن الوصول لسمسار إيمان الأول صعبًا، فالسمسار يعد أشهر سماسرة أرض اللواء إلا أنه رفض الحديث مع "الدستور" إلا بعد تأكيدات من المحررة بعد نشر اسمه.

ويقول السمسار "الأزمة ليست في المطلقات، ولكن الأزمة في الواقع المحيط بهن، والمشكلات التى تأتي ورائهن

وأضاف السمسار "أصحاب العقارات يخشون من هذه المشكلات بداية من أنها ستكون محط أنظار سكان الشارع بأكمله؛ فالمناطق الشعبية يعرف سكانها بعضهم البعض لذلك فإن المطلقة ستكون محط الأنظار، وإذا كانت المطلقة سيدة محترمة فمن حولها قد يكونوا غير محترمين، فكثير من الرجال ينظرون للمطلقة على أنها سهلة سواء كزوجة ثانية أو رفيقة وهذا يجلب مشكلات كثير أصحاب العقارات في غنى عنها

ويضيف السمسار: قمت بتسكين مطلقة قبل ذلك، وأشهد أنها كانت سيدة محترمة في حالها، ولكن الجار الذي يسكن في الشقة التي أمامها لم يكن كذلك، فبدأ في مضايقتها وحين اشتكت لصاحب المنزل منها، قلب الآية عليها، وقال إنها هي التي تشاغله وأيدته في ذلك زوجته التي تخشى هي الأخرى أن تحمل لقب مطلقة إذا صدقت الجارة، والنتيجة مشاجرة كبيرة انتهت بخروج السيدة من الشقة وهي تحمل وصمة "خطافة الرجالة

ويضيف السمسار: وإذا انتهت أزمات الجيران، فإن الأزمات المادية التي تلاحق المطلقة في الأغلب بسبب قضايا النفقة تخيف الملاك من التأخر في سداد الإيجار وهو ما يجعل الملاك يفضلون الابتعاد عن تسكين المطلقات لأن في النهاية الإيجار هو مصدر دخل للمالك، كما يخشى الملاك أيضا من المشكلات التي يفتعلها طليق المستأجرة، فأغلب قضايا الطلاق تضم مشاجرات ويمكن أن يصل الأمر إلى محاولة عمل فضائح للمطلقة، وكل ذلك مشكلات تجعل المالك لا يريد تسكين مطلقة وحدها

ما قاله السمسار لم يختلف كثيرا عن ما قاله محمد اليماني صاحب أحد العقارات بأرض اللواء بشأن أسباب رفضه لتسكين المطلقات، ويقول اليماني أنا لا أرفض تسكين المطلقات، ولكن أرفض تسكين سوى العائلات، مشيرا إلى أنه يرفض تسكين الشباب والرجال بمفردهم لأن المنطقة بها الكثير من العائلات، وتسكين رجل أو امرأة بمفردهم أمر مرفوض لما يمكن أن يأتي من مشكلات لاحقة لذلك

وأضاف اليماني: لا أرفض تسكين المطلقات لشكي في سلوكهن، فالسيدة سيئة السلوك ستظل سيئة السلوك سواء متزوجة أو مطلقة، ولكن وجود امرأة بمفردها أو حتى مع أطفال صغار في السن وحدها يحولها لمطمع، وتابع: حتى في تسكين العائلات يكتب بند في العقد أنه إذا قام الساكن باستغلال الوحدة في سلوك مشين يعتبر العقد لاغيًا

واستطرد: "القصة وما فيها أنني لا أريد وجع الدماغ، وتسكين المطلقات ينطبق عليه جملة "وجع الدماغ" بداية من مشاكل الجيران، التي تصبح فيه المطلقة في مرمى النيران لكونها سيدة تعيش وحدها وهو ما ينطبق على العازب أيضا أو المطلق، وكذلك أزمات تسديد الإيجار فالمطلقة لديها أزمات مالية دائما، وفي الأغلب تعتمد على النفقة في تسديد الإيجار، وهو ما يمكن أو يؤخر الإيجار

من جانبها، قالت نرمين أبو سالم مؤسسة جروب "السينجل مازر المصريات" إن المطلقات يعانين الكثير من الأزمات في الحصول على سكن بالإيجار، بسبب النظرة الدونية للمرأة المطلقة من قبل المجتمع

وأضافت نرمين أن من خلال الجروب شاهدت العديد من الحالات التي يشكين من رفض أصحاب العقارات تسكين المطلقات بأسباب ليس لها أساس من الصحة، أهمها المشكلات التي تتعرض لها المطلقات

وأشارت نرمين إلى أن الحديث عن ضرورة وجود رجل في أثناء الاتفاق كلام يتنافى مع طبيعة المجتمع حاليّا الذي أصبحت فيها الكثير من النساء سواء مطلقات أو آنسات مطلقات ومسئولات عن أنفسهن أو عن أسرهن

ووجهت نرمين حديثها لأصحاب العقارات قائلة : إن وجود رجل من عدمه مع المرأة لا يجوز أن يشكل عائقا أمام تسكين المطلقات لأن من الممكن أن يؤجر الشقة رجل ويستخدمها لأعمال منافية للآداب

وطالبت نرمين أصحاب العقارات بإزالة الصورة القديمة للمطلقات التي رسختها الأفلام والمسلسلات عن المطلقات، والنظر للمطلقة بصورة مجردة، فإذا وجد المالك ارتياح لسكنها وتوافق على الشروط المطروحة في عقد الإيجار يؤجر لها والحاكم بين الاثنين عقد الإيجار فقط، كما يفعل مع أي رجل يقوم باستئجار الوحدة منه"

من جانبها، تقول مها أبو بكر المحامية إن أزمة عدم تسكين المطلقات هي أزمة لا حل قانوني لها حتى الآن، مشيرة إلى أن علاقة الإيجار شأنها شأن أي تعاقد لا بد أن يكون بالتراضي، وبالتالي إذا لم يرغب المؤجر في تأجير العين التي يمتلكها لشخص ما فلا يمكن اجباره على ذلك

وأضافت مها أن في الأغلب لا يقول المالك سبب عدم تأجير الوحدة للمطلقة فقد يقول إن الوحدة تم تأجيرها، أو يرفض إبداء الأسباب وإذا تم الضغط عليه فإنه يقول إنه لا يريد مشكلات وإذا سألته عن المشكلات التى يمكن أن تحدث من المستأجرة فلا يرد.

وأوضحت مها أن هناك موضة بين المؤجرين سواء في السكن المفروش أو العادي وهو تسكين العائلات فقط، فيغلق المؤجر باب الحديث بالقول بأن السكن للعائلات فقط ورغم أن المطلقة عادة معها اطفالها وهو ما يشكل عائلة إلا أنه يرفض تسكينها بحجة بأن العين للعائلات فقط

وأضافت مها أن عدم تسكين المطلقات يأتي من ثقافة المجتمع التي ترفض التعاقد مع امرأة فما ينطبق على الشقق السكنية ينطبق أيضا على الفنادق التي ترفض تسكين أي امرأة سواء مطلقة أو آنسة أو زوجة جاءت وحدها إلى الفندق

وتابعت أن هذه الأزمة كالعديد من الأزمات التي لا تنتهي إلا بالوعي المجتمعي وتغيير الصورة النمطية للمرأة المطلقة

Report Abuse

If you feel that this video content violates the Adobe Terms of Use, you may report this content by filling out this quick form.

To report a Copyright Violation, please follow Section 17 in the Terms of Use.