هاني سميح - أميرة خالد
في ساعات متأخرة من الليل، يجلس «أحمد» مع مجموعة من أصدقائه، بعدما جلب أحدهم للجميع مخدر «استروكس» من مكان وصفه بالجديد، ليبدأ الجميع في تناوله مستمتعين بتلك اللحظة المزاجية. لم تمر سوى دقائق قليلة، حتى سقط أحد أصدقاؤه مغشيًا عليه، وبدأت ضربات قلبه في الانخفاض، وبدأت الرؤية لدى «أحمد» ضبابية بعض الشيء، ولم يعي ما دار حوله، إلا حين استيقظ في مستشفى ما وعلى صياح أحدهم بإن صديقه توفى
صديق «أحمد» توفى بسبب تناوله جرعة من مخدر «الاستروكس» المغشوش، بحسب وصف الطبيب المعالج. يقول الأول إنهم كانوا ثلاثة أحدهم توفى بعد إصابته بتشنجات عنيفة، والثاني نقل إلى العناية المركزة، وهو سقط مغشيًا عليه عقب النفس الخامس من السيجارة، رغم دخوله في حالة من الضحك الهيستيري وهو يرى أصدقاؤه يتساقطون حوله
«أحمد» وأصدقائه الإثنين، هم ضحايا لخلطات مجهولة المصدر، ينصعها معدومي الضمير في بير السلم، ويسمنوها مخدرات الاستروكس، ومن ثم يبيعونها للشباب على أنها حشيش واستروكس طبيعي لا ضرر منه، إلا أنها تؤدي إلى تلف خلايا المخ والتشنجات التي قد تصل إلى الوفاه. بحسب ما وصلت إليه «الدستور» من حكايات للشباب وآراء طبية
الدكتور إيهاب الخراط، استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان، يقول أن مادة الاستروكس تلعب على الجهاز العصبي لجسم الإنسان، وتصيب متعاطيها بعدد من الأعراض منها إحمرار شديد بالعين والوجه وحشرجة في الصوت واتساع حدقة العين
يضيف: «من أعراضه أيضًا الهلاوس السمعية والبصرية، ومع تكرار تناوله يتسبب في حالات اكتئاب شديدة، كما يؤدى إلى الضعف العام واختلال في التوازن، والخروج عن التصرفات الطبيعية»
«الخراط» يوضح أن الاستروكس نوع من المخدرات تسبب فقدان ذاكرة لا سيما أن كان مضروبًا، كما يمكن أن ينتاب المتعاطي شعور بالموت، وإذا كانت المادة قوية، يدخل بما يشبه الحلم والهلاوس التي تقوده إلى فعل أي شيء، مبينًا أن الاستروكس المضروب قد يسبب الوفاة مباشرة؛ لاحتوائه على مواد ضارة ورخيصة مثل المبيدات وغيره
استطاع «معدا التحقيق» اختراق أحد أوكار بيع الاستروكس المضروب في منطقة فيصل التابعة لمحافظة الجيزة، والتي حوت مجموعة من الشباب هم المصنعين والذين لم يتجاوز سن أحدهم العشرين عامًا
داخل تلك المنطقة يقوم الشباب بتجميع مواد كيميائية من الحبوب المخدرة رخيصة الثمن، وخلطها بحبوب طلق ومبيدات حشرية وأعشاب مجففة من البردقوش لتنتج مادة خضراء اللون على شكل الاستروكس المعروف، بحسب جولة وحديث مسجل معهم
وتمت بعد ذلك عملية التصنيع بتغليف الاستروكس في أكياس بلاستيكية على نفس الطريقة، ويباع بثمن 50 جنيهًا للكيس الواحد، وإذ تم شراء خمسة أكياس يصبح سعر الواحد 25 جنيهًا، رغم أن الاستروكس غير المضروب سعره 100 جنيهًا بحسب الشباب المصنعين
«إحنا بنبيع الكيس بثمن علبة سجاير، مين المغفل اللي مش هيشتري»، يقولها أحدهم لنا كإغراء على شراء المخدر، وبالفعل كان الإقبال عليهم شديد من مدمني الاستروكس بمجرد أن علموا بوجود أكياس استروكس بهذا الثمن الرخيص دون العلم بمواد تركيبه أو الأضرار الملاحقة له
«طارق» أحد ضحايا الاستروكس المضروب، والذي ابتاعه بمبلغ 60 جنيهًا فقط، رغم اعتياده على شراؤه بمبلغ 120 جنيهًا وأكثر، يقول: «بقالي سنتين بشرب استروكس وبطلته بعد ماشربت نفسين بالظبط من النوع المضروب منه، ودخلت في حالة من الصرع وبعدين أغمى عليا، وروحت المستشفى»
الكشف الطبي الذي تم اجراؤه للشاب في المستشفى ثبت تناوله جرعة من الاستروكس المضروب، وأوضحت التحاليل أن مصاب بورم بالمخ نتيجة الإدمان وهذه الجرعة بالتحديد كادت تؤدي إلي وفاته لولا إنقاذه السريع
مصطفى أبو زيد، وكيل لجنة الشئون الصحية بالبرلمان، يقول إن اللجنة فتحت ملف المواد المخدرة المضروبة مثل الاستروكس مؤخرًا، وقدمت ما تتسبب فيه هذه المواد وتأثيرها على الشباب، وطالبت بتنفيذ مشروع قانون مقترح من قبل لجنة الصحة بإعدام من يتم القبض عليه سواء يقوم بتصنيع، أو استيراد مواد كيميائية أو دوائية واتهامهم بالخيانة العظمى
ويوضح أن هناك اقتراحات أخرى تتعلق بالتعاون بين الهيئات والوزارات المختلفة للتوعية الإعلامية والدينية والصحية من تناول هذه المنتاجات، مشيرًا إلى أن اللجنة طالبت وزارة الشباب والرياضة بتأجيل هدم الملاعب المخالفة في القرى التي لا يوجد فيها مراكز شباب لإشغال الشباب بالرياضة.
Credits:
Created with images by Dylan Fout - "Smoke"