Loading

حكايات المُخلقين بعد أنا صاروا رجالًا في الثلاثينيات.. أطفال الأنابيب يعانون من مشاكل جنسية

إسلام جمال - سمر مدحت

عام 1986، قام عدد من العلماء المصريين بتجريب أول عملية لأطفال الأنابيب، عقب انتشارها في العالم بنحو 8 سنوات. نجحت العملية بالفعل ونتج عنها ولادة أول طفلة أنابيب عام 1987، وانشيء من بعدها أول مركز لأطفال الأنابيب بمحافظة الأقصر عام 2011،وأقيم فيه مؤتمر علمي عالمي حضره علماء مصر والعالم، إلى أن وصل عدد المراكز الآن 130 مركزًا

31 عامًا مروا على ولادة أول طفلة أنابيب في مصر، تعرضتهم خلالهم تلك العمليات إلى هجوم ديني وآخر علمي، وكثيرًا ما حاول العلماء الوقوف ضدها لخطورتها وتأثيراتها بعيدة المدى. فهل بالفعل ظهرت تأثيراتها الصحية مستقبلًا بعد أن صار أطفالها رجالًا ونساءً في الثلاثينات من عمرهم؟. "الدستور" استمعت في التحقيق التالي للمشكلات الصحية التي واجهتهم بعد ذلك
تسنيم: "المشاكل الصحية تظهر بعد الزواج"

عاشت"تسنيم" 25 عامًا بصورة طبيعية، وهي تعلم أنها جاءت إلى الدنيا عبر إحدى عمليات أطفال الأنابيب، تمت لأمها في واحد من أكبر مراكز تلك العمليات، بعدما علمت إنها لا تستطيع الإنجاب بصورة طبيعية

تقول: "أمي لما اتجوزت من أبويا، قعدت سنتين بتحاول مع العلاج والأدوية عشان تخلف، لكنها اكتشت أنه ده مستحيل، عشان الرحم عندها كان معوج، واخد شكل سبعة، وده صعب تحمل بسببه لأنه بيخلي الطفل ينزل عشان مش يوصله غذاء"

توضح أن الباب الأخير الذي طرقته أمها كان عمليات أطفال الأنابيب: "كان وقتها الموضوع لسه متنشرش بشكل جامد، لكن كان فيه حملات إعلانية كتيرة عن موضوع عمليات أطفال الأنابيب، وبالفعل بابا وماما راحوا وقتها عشان يسألوا عن العملية"

تضيف: "وقتها كانت تكلفة العملية 5 آلاف جنيه، وعملتها أمي، وبتحكيلي أن فترة الحمل كانت صعبة ومرهقة، لأن وضع الجنين مش بيكون طبيعي، وفي البداية كان فيه شكوك إني ولد لكني طلعت بنت ونجحت العملية"

تشير إلى إنها لم تعاني من أي مشاكل صحية طوال كل تلك الأعوام، حتى تزوجت منذ عامين، وبدأت بوادر تلك العملية تظهر: "عندي نقص في المناعة، والدكتور اللي متابع معايا أرجعه لفكرة عمليات الأنابيب لأني وقتها الجنين بيطلع خارج الرحم وبيتعرض لضوء في فترة مينفعش يتعرض فيها لضوء

ليس ذلك فحسب، بل أن "تسنيم" إلى الآن لازالت تعاني من مشكلة عدم الإنجاب، وحين ينشأ جنين في بطنها لا يلبث ويموت: "الدكتور قال أن معظم أطفال الأنابيب بيكون عندهم نفس مشاكل آبائهم سواء عقم أو مشاكل جسدية، ولحد دلوقتي ربنا مرزقنيش بطفل لسه بحاول لكن مش عايزة أعمل عمليات الأنابيب لأن اللي هيجوا هيعانوا من نفس المشكلة"

الدكتورة رجاء منصور، رئيس جمعية الشرق الأوسط للخصوبة، صرحت بأن حوالي 15% من الأطفال المولودين عن طريق الأنابيب يرثون مشاكل آبائهم المسببة للعقم، لا تظهر إلا بمرور الوقت

ما هي عمليات الأنابيب وكيف بدأت عالميًا؟

الطب الإنجليزي الذي كان له السبق في ولادة أول طفلة أنابيب، يُعرّف تلك العمليات بأنها إخصاب البويضة بالحيوان المنوي في أنابيب الاختبار بعد أخذ البويضات الناضجة من المبيض، لتوضع مع الحيوانات المنوية الجيدة فقط بعد غسلها حتى يحصل الإخصاب، ثم تعاد البويضة المخصبة إلى الأم

صورة تعبيرية

وتُعطي العملية الخيار الأفضل لاختيار أفضل الأجنة لنقلها إلى الأم بعد إخصابها خارج الرحم، وتعطى كذلك مجالًا أكبر لاحتمال الحمل في الدورة الواحدة؛ لأنه يمكن نقل أكثر من جنين واحد إلى داخل الرحم

الدكتورة رجاء منصور

تشرح الدكتورة، رجاء منصور، مديرة المركز المصري لأطفال الأنابيب، طريقة تلك العملية بقولها: "بيتم تنشيط البويضات في رحم المرأة من خلال حقن وأدوية ومعينة، ومن ثم سحبها، وسحب عدد من الحيوانات المنوية من الرجل بكميات محددة، وحفظها وتخصيبها في درجة حرارة معينة، ومن ثم إعادة حق المرأة بها مرة أخرى ويكون الجنين خارج الرحم

بدأت أول عملية أطفال أنابيب في العالم على يد العالم البريطانى "روبرت إدواردز" عام 1978،حين قرأ في مجلة بريطانية علمية، خطاب أرسله طبيب أمراض نساء إنجليزي يدعى "استبتو"،يعمل فى مستشفى صغير بمدينة تبعد حوالي 4 ساعاتعن لندن

وجاء فى الخطاب أنه بدأ يستخدم منظار البطن للتشخيص والعلاج، وأنه تعلمه من بروفيسور فرنسي في مؤتمر بالعاصمة باريس،والتقط إدواردز هذا الخيط وذهب إلى «استبتو» وطلب مساعدته في التقاط البويضة بواسطة المنظار

وبالفعل نشأ "إدواردز" معملًا صغيرًا في المستشفى، وبعد محاولات استمرت حوالي 3 سنوات حدثت أول حالة حمل لسيدة كانت تعاني من العقم 15 سنة، وأخيرًا وضعت الأم أول طفلة أنابيب في العالم

شادي: "العقم قد يكون صفة متوارثة في أطفال الأنابيب"

حكاية أخرى، لشاب يدعى "شادي" (اسم مستعار)، 23 عامًا، لجأ والديه إلى عمليات أطفال الأنابيب، بعدما كان يعاني أبوه من العقم، فاضطرا إليها من أجل إنجاب طفل يكون قرة أعينهم

يقول: "العملية بتتم للجنين خارج الرحم في مراحله الأولى، وبيتعرض للضوء، عشان كدة بيأثر على جيناته مستقبلًا، لكن مش في كل الحالات، لو مختبر جيد هيعزل المؤثرات الخارجية"

ورث شادي أزمة أبيه في العقم (قلة الحيوانات المنوية)، وذلك بعد أن تزوج العام الماضي، وعلم أن أزمته في قلة وضعف الحيوانات المنوية لديه، ما يقلل من احتمالية قدرته على الإنجاب وبالتالي لا يلجأ سوى لعمليات أطفال الأنابيب والتي من المحتمل أن يلد أطفالًا لديهم نفس المشكلة

أرقام وإحصائيات عن عمليات الأنابيب في مصر

بحسب تقرير صادر عن المركز المصري لأطفال الأنابيب فيتم إجراء 10 آلاف عملية أطفال أنابيب سنويًا على يد 52 مركزًا بمصر، نتائج الربع منها توائم، نسبة حدوث الحمل في عمليات أطفال الأنابيب لا تزيد في أحسن الحالات علي 40-50 %

يوجد في مصر، 120 مركزًا للخصوبة وعمليات أطفال الأنابيب معتمدًا على مستوى الجمهورية ويخضع لإشراف ورقابة وزارة الصحة، وتم إغلاق قرابة ثلاثين مركزًا مؤخرًا لم تكن مرخصة. وصل عدد أطفال الأنابيب في العالم إلى 5 ملايين طفل، ولكن لا يوجد في مصر إحصاء دقيق عنها، بحسب الدكتورة رجاء منصور، مدير المركز المصري لأطفال الأنابيب

في تقرير طبي صدر مؤخرًا عن أطباء في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد شهدت الأخيرة أكبرعدد من أطفال الأنابيب، الذي يشكلوا نسبة من إجمالي المواليد أعلى من أي وقت، منذ بدء تطبيق هذه التكنولوجيا، حيث تخطى عدد أطفال الأنابيب أكثر من 5 مليون طفل

محمود مناعته ضعيفة ويُصاب بأمراض

محمود علي، 25 عام، أحد الأشخاص الذين تم ولادتهم عن طريق عمليات أطفال الأنابيب، يؤكد أنه استطاع الزواج وإنجاب طفلين، كلن دومًا ما يشعر بحالات إعياء غريبة، لم يرجعها الأطباء إلى ولادته كطفل أنابيب

يوضح أنه يعيش حياته الزوجية بشكل سليم وصحي، إلا أن مناعته تعاني بعض الضعف، ويصاب بأمراض كثيرة كل فترة: الحياة عادية، مفيش تغيير، لكن المناعة ضعيفة، والصحة كإني معدي الأربعين

شروط افتتاح مراكز عمليات أطفال الأنابيب

صورة ارشيفية

وبحسب الموقع الرسمي لوزارة الصحة، فأن هناك شروط خاصة لافتتاح مراكز التلقيح الصناعي أو أطفال الأنابيب، وهي: "حصول المدير المسئول فنيًا عن مركز التلقيح الصناعي علي دكتوراة أمراض النساء والتوليد أو دكتوراة في الأمراض التناسلية والعقم أو دكتوراة في طب وجراحة أمراض الذكورة والتناسل مع توافر خبرة خمس سنوات على الأقل بعد الحصول على المؤهل

وكذلك: "العاملون في فريق العلاج لابد أن يكونوا من الأطباء الحاصلين على بكالوريوس الطب والجراحة على الأقل مع خبرة لا تقل عن ‏3‏ سنوات في أحد مجالات أمراض النساء والتقاط البويضات أو طب وجراحة أمراض الذكورة ومعالجة السائل المنوي

وأيضًا:"هناك لاشتراطات خاصة بالمعدات والأجهزة للتعقيم وغيرها والثلاجات لحفظ الأجنة والحيوانات المنوية، وشروط معمل الأجنة ومعمل التلقيح طبقا للاشترطات الدولية وغرفة للعمليات ومعمل للتحاليل، ولا بد من وجود سجل لكل حالة يشمل العقد والإقرار للزوجين، وتفاصيل الأتعاب والفحوصات والتقارير الطبية لحالة الزوج والزوجة

دراسة تحذر: "تشوهات تصيب أطفال الأنابيب
حذرت دراسة بريطانية قام بها عدد من العلماء حول مصير الأطفال الذين ولدوا من بويضات أو حيوانات منوية مجمده، من عام 1984 و2008، وشملت 11 ألف طفل ولدوا بعد تجميد البويضات أو الحيوانات المنوية الخاصة بوالديه .. الدراسة أشارت إلى أن الأطفال الذين ولدوا باستخدام نطف تم تجميدها تعرضوا لحدوث مستويات عالية من التشوهات والعيوب الخلقية، مبينة أن تجميد البويضات الخاصة بالسيدات في بعد منتصف الثلاثينات قد لا يجدى نفعًا ويؤدي إلى تشوهات جنينية مستقبلًا

"أطباء: "الأبناء يواجهون نفس المشاكل الصحية للآباء

أرشيفية

يقول الدكتور محمود سليمان، إخصائي النساء والولادة وعلاج العقم والحقن المجهري، أن الأشخاص الذين تمت ولادتهم عن طريق الأنابيب، يعيش البعض منهم حياتهم بشكل طبيعي، لكن لا يكونوا أكثر صحة مقارنة بالأخرين

إخصائي النساء والولادة، يوضح أن أول عملية أطفال أنابيب في مصر أجريت في الثمانينات من القرن الماضي ولازالت مستمرة العمليات إلى الآن بنسبة قليلة، موضحًا أن نسبة إجراء عمليات أطفال الأنابيب تخطت الواحد وأربعون ألف عملية سنويًا

سليمان يشير إلى أن إجراء عمليات أطفال الأنابيب في مصر أصبحت تواجه ما يُشبه الانقراض، وذلك بعد أن ظهرت عمليات الحقن المجهري، والتي طغت بدورها على عمليات الأنابيب التي تكون غير مضمون في بعض الأحيان

الدكتور أحمد هلال، استشاري الطب النفسي، يشدد على أن الحالة النفسية من الأشياء الهامة التي يجب أن يهتم بها الأسر المنجبة لطفل أنابيب، لأنه يكون مختلفًا صحيًا ونفسيًا عن الطفل الذي يُولد بشكل طبيعي

ويؤكد هلال، على عدم التكتم على الطفل بأنه تمت ولادته عن طريق الأنابيب، مشيرًا إلى أن ذلك يساعده علي العيش بطريقة عادية، بالإضافة الى إخباره بأن عمليات أطفال الأنابيب ما هي إلا وسيلة للولادة تتكلف من 14 إلى 30 ألف جنيهًا أو أكثر بحسب المكان

ويقول الدكتور هاني عصام، استشاري طب الاطفال وحديثي الولادة، أن الأمر لا يجوز فيه التعميم، فهناك أطفال أنابيب يحدث لهم بعض المشاكل الصحية، وهناك آخرون يعيشون بطريقة طبيعية

ويؤكد أن أطفال الأنابيب أحد الوسائل الحديثة المتبعة للإنجاب، والتي تم استحداثها في بداية الثمانينيات، مبينًا أنها تعتبرحل لتغلب على العديد من المشكلات عند الزّوجين والتي تحول دون الإنجاب الطبيعي

ويوضح أن المشاكل التي قد تواجه الأبناء تكون موروثة عن الآباء، مثل وجود بعض الالتهابات في بطانة الرحم أو في قناة فالوب، أو بعض المشاكل في الرحم أو في قناة فالوب، أو قلة إنتاج الحيوانات المنوية عند الرجل، أو وجود بعض الأجسام المضادة التي تهاجم البويضات والحيوانات المنوية

Report Abuse

If you feel that this video content violates the Adobe Terms of Use, you may report this content by filling out this quick form.

To report a Copyright Violation, please follow Section 17 in the Terms of Use.