Loading

احنا المخلوعين الوجه الآخر للخلع.. حكايات من دفتر آلام الرجال

إيناس سعيد

"إمتى أخر مرة شوفت فيها ولادك؟" سؤال طرحة أيمن ناصر، على الصفحة الخاصة التي جمعت الآباء المكلومين، وهي صفحة "المجلس القومي للأسرة المصرية"، لتنفجر الإجابات والتظلمات والدعوات التي ترغب في من يسمعها،"8 سنوات"، "أربع سنوات"، وأرقام لسنوات عديدة كانت هي الردود التي اجابها بحزن معظم الآباء
أما بالنسبة لـ«محسن عبدالمعطي»، والذي يتخذ من صورة طفله خلفية لصفحته الخاصة، يقول:"والله العظيم ما شوفته خالص في حياتي غير في الصور"، ليرد عليه «عبدربه الدحراوي»:" أنا ماشفتوش ولا حتى في صور من يوم ولادته من 6 سنين"، ولم يختلف الأمر كثيرًا بالنسبة إلى «محمود عزوز»:"كلمه ابنى تقيله شويه على لسانى بس ده علشان انا عندى ولد عنده سنه بس معرفش شكله او ملامحه ايه بس الحمد لله على كل شيء"
على عكس المعتاد من سرد قصص السيدات عن الخلع وأسبابه «الدستور» تحكي قصص "المخلوعين" من الرجال

بعد قصة حب دامت لسنوات بين «محمود الجمال»، 26 سنة، وزوجته، تكللت بالزواج عام 2017، لتنتهي بطلاق "مغصوب عليهم"، منذ ما يقرب من شهرين، لتدخلات الأهل، رغم رفض كلا الزوجين لهذا الطلاق الذي سينهي ذاك العش الصغير الذي بدأءه سويًا

كان الحب بين «محمود» وزوجته خير معين لهم رغم أن كلا منهما من محافظة مختلفة، وكان كذلك خير رفيقًا لهم بعد إصابة زوجته بمرض عضال، رفض ذكر اسمه، ليكون أنيسًا لها ورفيقًا خلال رحلة علاجها، ودون علم كلا الاسرتين بمرض الابنة والزوجة له

يحكي «محمود»:"بعدما عرف أهلي وأهلها أنها مريضة، أهلها قالولي احنا أولى ببنتنا نراعيها، انت تاخدها تعمل بيها وهي مريضة دلوقت هما عايزين ياخدوها وانا متمسك بيها، وأهلي شافوا أن حرام أضيع شبابي في رعايتها، بس أنا كنت راضي لأني بحبها، بس صمموا وضغطوا عليا"

ورغم وفاة كلا والدي الزوجة كان الأخ الأكبر لها وهي أصغر أخواتها المانع الوحيد أمام حياتهم الزوجية، "فضلت شهور أماطل عشان مش أطلقها وهي قالتلي لو طلقتني انا هموت، بس أخوها كان قوي، لدرجة أنه أذاني في شغلي، وعملي مشاكل فيه، وهددني لو مش طلقتها هيرفع قضية خلع باسمها في المحكمة، للاسف كان القرار أني أطلقها"

بود ملموس يحكي «محمود» عن زوجته المحبوبة التي كان الأهل السبب في طلاقهم، الذي لم يشأ القدر أن يطرح بينهم طفل يكلل هذا الحب لطلاقهم المبكر، "مكنش في مشاكل بيني وبينها أبدًا، الحياة متوافقة جدًا مع الوضع اللي احنا فيه، هي انسانة كويسة مؤدبة محترمة عندها ثقافة عالية، وبتدي تدريبات للشباب على تأهيل الزواج لكن شاء القدر أن نفترق"

أما الوضع بالنسبة لـ«علاء أبو المجد»، مهندس الاتصالات، كان مختلف تمامًا عن «محمود»، والذي بدأت مشاكل زواجه بعد 3 شهور فقط، في عام 2016، كانت البداية بـ"طلقني عشان أنت بتتفرج على التليفزيون وسايبني، طلقني عشان أنت قاعد بتلعب على الموبايل وسايبني، طلقني عشان أنت بتدور على شغل في مكاني تاني، طلقني عشان أنت عايزنا نروح نقعد عند مامتك يوم أو يومين، طلقني عشان أنا مش حامل، طلقني عشان أنا عايزة نبات عند ماما وأنت مش عايز، فضلنا في قصة طلقني على طول أي سبب"

كانت القشة التي بدأت عندها قضايا الخلع والنفقة وغيرها منذ عام 2016 وحتى هذا التوقيت، بعد إنجابها لطفلهم الأول، "بعد أسبوع طلبت الطلاق وكان السبب أنا حاسة انك بتخوني"، مع محاولات متعددة للدفاع عن نفسه ومراعاة مرحلة الاكتئاب التي تأتي عقب الولادة تماسك محاولًا أن يهديء الأوضاع

وتكون هذه المشكلة، سببًا للزوجة في ترك منزل الزوجية والانتقال بطفلها إلى منزل والدتها بالمقطم، "في شهر 9 لاقيت أربع قضايا مرفوعين عليا في المحكمة ولاقيت مُحضر جايلي بيهم، خلع وقايمة، اثبات حضانة ابني ليها، رغم ان طبيعي يكون ابني معاها، القضية الرابعة، نفقة لابني بكل أنواعها"

يرفض «علاء» أن ينتهي هذا الزواج بأي شكل، فهو لا يرغب أن ينشأ طفله بعيدًا عنه خاصة مع عدم وجود مشكلة حقيقية بينه وبين زوجته لكل هذه القضايا، " بحاول أخر الطلاق على أد ما اقدر عشان بحاول احافظ على كينونة البيت أنه يفضل موجود، ويفضل ابني بين والديه، ميبقاش من ابناء الشقاق"

عندما حكمت المحكمة بنفقة 1400 جنيه لطفله، يدفعها من خلالها، وتم تسلم مُحضر للزوجة للحصول على نفقة الطفل، "لاقيتها بتقولي بقى كدا وصلت للدرجة أن النفقة بتسيبها في المحكمة، قلتلها أنا أول مرة ادفع في المحكمة، تقولي لا تيجي تديني في ايدي الفلوس، ما انا لما اخدها من المحكمة هدي منها اكرامية للمحضر اللي هيديني الفلوس

تعديل وضع الرؤية بالنسبة لطفله هو ما يرغب به «علاء»، فثلاث ساعات أسبوعيًا غير كافية، للاطمئنان على نجله، "استضافة على الأقل يومين في الأسبوع، معايا ومع جدته، الجواز عبارة عن عقد شراكة بيني وبين مراتي، يبقى الحضانة عندما تنتقل من الأم إلى الأب بعدها مباشرة وليس الأجداد وغيرهم"

وثالثًا، تعديل سن الحضانة، هو المطلب الأهم بالنسبة لـ«علاء» أن يكون أقصى سن للحضانة للولد 7 سنوات، والبنت 9 سنوات، فالأطفال في حاجة لحضن والدهم مثل والدتهم، على أن تكون الولاية التعليمية مشتركة بين الوالدين،يختم «علاء»:"قلتلها انتي قدامك حل من الاتنين يانرجع نعيش بقى مع بعض، وابننا عايش حياة طبيعية، ونشتركله ف نادي ونساعده ف حياته، ياما نفضل ف الوضع اللي انتي عيزاه دا والشحططة اللي احنا فيها دا"

صور أرشيفية

"يعني الدولة أمنتني عليها في حرب أكتوبر، وخايفة على حفيدي مني، مشوفش حفيدي أبدًا أومال مين هيعلمه الصلاة والصيام ويكون راجل ازاي". بهذه الكلمات بدأ اللواء أحمد شوقي، من أبطال حرب أكتوبر، سرد قصة خلع نجله، والتي انكوى بها،يقول:"الراجل عارف أنه لو طلق هيتخرب بيته، دا فضل سنين عقبال ما يجيب شقة وجهاز واتكلف فوق ال 400 ألف جنيه، بسهولة كدا هيطلق ويخرب بيته، عشان كدا الست لما تطلب الخلع يبقى تسيب كل حاجة بقى، وابنها كمان احنا نربيه ونطلعه راجل"

يسرد «شوقي» أنه في عمر الخامسة عشر كان طيار محارب في حرب أكتوبر، فكيف لسن الحضانة أن يصبح 15 سنة في الوقت الحالي، للطفل بجانب والدته دون أن يشب على "أسس وقواعد الرجولة"،كيف لاستضافة مدتها 3 ساعات فقط أسبوعيًا أن تكون عامل في تربية الاطفال

قضايا عديدة رفعت الزوجة على نجل «شوقي»، ما جعله لا يستطيع ترك طفله دون مساعدة وحتى يتمكن من الوقوف في ضهره للتغلب على هذه المشاكل والتي ظهرت دون إبداء أي أسباب واضحة، ودون استطاعته أن يرى حفيده، فقانون الرؤية ينص على مقابلة الوالد فقط لطفله في مركز الاستضافة التي تحدده الأم وليس لأسرة الزوج الحق في رؤية دون موافقتها"

"وأنا محجوز في المستشفى مريض وعيان، اتحرم من حفيدي الوحيد"، إلى أن استطاع التواصل إلى حل وسط بعد أن توسط أحد الأطراف مع الزوجة ودفع مبلغ مالي معين ليرى حفيده الذي بلغ عامه السابع منذ عدة أشهر، في حفلة كبيرة صنعها الجد من أجل حفيده

من هنا جاءت الدعوات التي أطلقها البعض لإنشاء مجلس قومي للرجال حتى يصبح موازيًا في أعماله وأهدافه للمجلس القومي للمرأة، وحتى يستطيع الرجال سرد حقوقهم المهدورة، وفقًا لقولهم في رؤية ابناءههم والمساهمة في تربيتهم وحتى لا يصبح الآباء مجرد"أنا كأب مجرد ماكينة صرف نقود فقط لا غير

أسس الجروب على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، الدكتور أشرف تمام، الرئيس الأسبق لمركز المعلومات ودعم إتخاذ القرار بمجلس الوزراء، ليكون صوتًا للرجال ولشكواهم وتأزرهم سويًا، وتحقيقًا لمبدأ العدالة والمساواة بين جميع أطياف المجتمع الذي كفله الدستور المصري، مناديًا بإنشاء المجلس القومى للأسرة المصرية، وإلغاء المجالس الأخرى كالمجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي للمرأة وفي حال الاصرار على تواجد المجلس القومي للمرأة يتم إنشاء مجلس موزاي وهو المجلس القومي للرجال

وعن الهدف من مجلس الأسرة المصرية الحفاظ على كيان الأسرة من التحديات التي تواجهها على أن يتضمن رجال ونساء من كافة الأعمار وبإختلاف حالتهم الإجتماعية (أعزب - متزوج - مطلق)، واضعًا في المقام الأول الحفاظ على حقوق الأطفال في تربيتهم تربية سوية، بعيدًا عن ممارسات بعض جمعيات ومؤسسات المرأة من تحيز واضح للمرأة المطلقة على حساب حقوق الرجال وباقي أنواع النساء والأطفال

عام 1990، خرج للعالم كتاب «أوامر العالم الجديد»؛ من أحد الكُتاب الأجانب عن أساليب هدم الأسر كمحاولة لتفكيك العالم العربي، من خلال خمس أسس أساسية، تبدأ من تسهيل الطلاق، يقول دكتور «أشرف»:"لازم الطلاق يصبح سهل، والريس قال إن نسب الطلاق 44%، واحنا بالفعل بدأنا نطبق دا".

والنقطة الثانية تتلخص في عدم السماح للوالدين بتربية أطفالهم، وهو ما يتم تطبيقه من خلال قانون الأسرة، "لما حرم الأب واسرته بالكامل من تربية الطفل، بقى ملهمش أي علاقة مع الاطفال بمجرد وقوع المشاكل الزوجية"، أما بالنسبة للأم فأصبح العمل وتكوين الذات "شغلك ودخلك اللي هينفعك" هو المحرك لها في إهمال طفلها معظم الوقت

يقول:" تلاقي الأم خريجة جامعة وابنها عنده 3 أو 4 شهور وبتوديه حضانة، عشان بتكون نفسها وبتأسس كيانها، ويكون ابنها في تانية ابتدائي مثلا وبياخد دروس في كل المواد،ويوضح «تمام»:"البند الثالث وهو عدم السماح للزوجة أن تصبح ربة منزل، من خلال نزولها إلى سوق العمل، والاعتماد على وسائل بديلة في تربية الأطفال وهو الحضانة والدروس الخصوصية، والفيسبوك كوسيلة اجتماعية غزت المجتمع، والبرامج الكارتونية الموجودة على موقع اليوتيوب"

ومن النقط الأخرى، السماح بزواج المثليين، "طول اليوم بتكرهي الراجل في،الست والست في الراجل، فخلاص كل طرف بيتجه للجنسيات الأخرى،وأكد «تمام» أنه منذ وضع قانون الخلع عام 2000، رغم رفض مفتي الجمهورية نصر فريد واصل، في وقتها، لهذا القانون، والذي تسبب هذا الرفض في إنحاءه من منصبه، بدأت الأسر المصرية في التفكك والانهيار، مؤكدًا وجود حالات زواج لم تستمر لأكثر من شهرين، وحصل الخلع من الزوجة، "الشاب يفضل يكافح عشان يجيب شقة وجهاز وفي الأخر يخسر كل دا على شهرين جواز"

كل مدى بيتم تسهيل عمليات الطلاق، بقى أقل سبب من الست تقول أنا عايزة أطلق، لو قالها (اللبس دا قصير، متتأخريش في الشغل، فمبقتش تستحمل، فتطلب الطلاق ومنه الخلع، القاضي بقى عامل زي المأذون، لا يملك حق أنه ميخلعهاش،ويوضح «تمام»:" 70% من حالات الطلاق، يكون فيها عمر المطلقة أقل من 35 سنة، وهو جيل الثمانينات، بداية من قانون الشقة من حق الزوجة وخاصة في الفيلم الذي جسده فيلم الفنان محمود عبدالعزيز"."

وثم يأتي قانون الرؤية عام 2000 والذي يسمح للوالد في حالة الطلاق برؤية طفله لمدة 3 ساعات في الاسبوع فقط، ولا يسمح لعائلة الوالد كاملة برؤية حفيدهم، كان من أسباب التفكك الذي شهدها المجتمع وبطفرة

في عام 2005 تم رفع سن الحضانة، ليصبح 15 سنة للطفل، والطفل يُخير، "يقف في المحكمة ويختار يعيش مع أبوه ولا أمه، الطفل عايش 15 سنة مع والدته، والأب بيشوفه 3 ساعات بس في الاسبوع، لما تيجي تخيريه يعيش مع مين طبيعي هيختار الأم".
وفي عام 2008، تم سحب الولاية التعليمية من الأب، لتصبح الأم هي المتابعة للأطفال، والمسؤلة عن تحويلاتهم من المدارس، "بقت الأم مش محتاجة الأب في حياة اولادها، كانت بتحتاجه عشان تسجل الأطفال في شهادة الميلاد وعشان تنقلاتهم وتحويلاتهم في المدارس، النهاردة خليتي الاطفال حاجة زي قايمة المنقولات ملكية خاصة للزوجة وكأنه جاي من سوبر ماركت ملوش أب
وأكد «تمام» أن جمعيات وكيانات المرأة هدفها الأول والأخير هو إظهار أننا ما زالنا نعيش في مجتمع "سي السيد، وأريد حلًا، ووهو ما يخالف الواقع والذي يتم تطبيقه بالقوانين، "المجتمع بينهار اجتماعيًا، مضيفًا:"كنت في حديث مع الدكتور هشام ماجد، نائب مدير مستشفى العباسية للصحة النفسية، أوضح أن سن الإدمان تم تحديده بداية من 12 سنة، وأن أكثر فئة عمرية تتحرش بالنساء في مصر، هي الأطفال من سن 9 لـ 18 سنة، مشددًا أن حضانة الأطفال لابد أن تقل وتنتقل إلى الأب خاصة الذكور. الاتجاه العام كان الحفاظ على تماسك الأسرة المصرية، أما في التوقيت "بقى في ناس بتلعب في الأمن الاجتماعي المصري، لأن دا اللي باقيلهم لتفكيك المجتمع"، وهو ما أصبح واضحًا فبعد رفع سن الحضانة عام 2005، كانت النتيجة خلال ثلاث أعوام
ففي عام 2006 شهد 65 الف و 500 حالة طلاق، أما في عام 2009 شهد 141 الف و 500 حالة طلاق، بعد 4 سنوات فقط من رفع سن الحضانة وسحب الولاية التعليمية من الأب، ووضع ترتيب الأب في حضانة اطفاله رقم 16 وهو ما ينافي العقل

Credits:

Created with images by Pexels - "man person frustration" • geralt - "alone being alone archetype" • Stefano Pollio - "untitled image" • wondermar - "fog mist golden"

Report Abuse

If you feel that this video content violates the Adobe Terms of Use, you may report this content by filling out this quick form.

To report a copyright violation, please follow the DMCA section in the Terms of Use.