حسن الهتهوتي ـ أريج الجيار
نداءات واستغاثات لم تُجدِ نفعًا لإنقاذ مزارع المانجو في الإسماعيلية، من مرض غامض أصابها، أطلق عليه الأهالي «الهباب الأسود» في إشارة للون الرماد الذي أصاب أوراق الأشجار، وقتل معظم الزهور المثمرة، فباتت الفاكهة الأكثر عشقًا للمصريين، مهددة في موسمها الجديد، لكون الإسماعيلية واحدة من أكثر منابع المانجو في مصر.. «الدستور» كانت هُناك، للتحقيق في أزمة المرض الغامض
انتشار المرض في محافظة الإسماعيلية كلها ـ حسبما يؤكد الرجل ـ مؤكدًا أن هناك من اتجه إلى اقتلاع أشجار المانجو من مزارعه، وزراعتها بفواكه أو محاصيل أخرى، وأنه يختار الحل ذاته نهاية هذا العام، مؤكدًا أنه يتكبد خسائر كبيرة نتيجة انتشار المرض، وأن الفلاح ليس بمقدوره أن يرش المحصول كل أسبوع، وعلى الدولة أن تتدخل لإنقاذ الفاكهة، متساءلاً.. «أين الخبراء، ومراكز البحوث، يقولون لنا ماذا نفعل، والحل لهذا المرض؟!.. هذه ثروة زارعية، والمزارعين يقومون بالتخلص من مزارعهم.. أنقذوها»
وأمام إحدى المزارع، التقينا الحاج عبده درويش، عضو مجلس إدارة نقابة الفلاحين، والذي حمل وزارة الزارعة مسئولة ما يحدث داخل مزارع المحافظة، مناشدًا الوزير بسرعة الدخل لحل المشكلة التي يُعاني منها المزارعون منذ 3 سنوات: انتاجية المزرعة البالغة في المساحة 20 فدان، تكون نحو 10 أقفاص فقط، رغم أن الإنتاجية الطبيعية للفدان الواحد، نحو 1000 قفص، وأن المبيدات التي تم توفيرها في الجمعيات الزراعية لهذا المرض، باهظة الثمن، ولا يقوى الفلاح على تحمل سعرها، والوزارة كأنها تسعى للربح، على الرغم من أن المفترض عليهم أن يدعموه، فوزارة الزراعة عي المسئول الأول عن كل شئ يخص الفلاح».. يقولها الرجل، منوهًا في الوقت ذاته إلى أن المبيدات المتواجدة خارج الجمعيات الزراعية وسعرها أقل، تكون مغشوشة، واكتشفوا ذلك من حلال تجربتها في مزارعهم، ولم تُحقق أي نتيجة، وبقي المرض كما هو يطلي أوراق المانجو باللون الأسود، مطالبًا بتوجيه لجان تفتيش على محال المبيدات
عماد الهادي، وهو مزارع بمنطقة التعاون، يقول إن المبيدات المغشوشة (فطري وحشري) يتعرفون عليها بعد رشها، حيث أنها لا تؤتي أي نتيجة، بل قد تكون النتيجة عكسية، ويضر أشجار المانجو، مثل السرطنة والفيرسة التي تُصيب الأشجار، كما أن أسعاره متفاوتة من متجر للآخر، رغم أنهم يبيعون الأنواع ذاتها، مشددًا في نفس الوقت على أن ارتفاع السعر لدى أحد التجار لا يعني أن الأدوية (يقصد المبيدات) التي يبيعها جيدة، وأن الشئ الأهم في العبوة، هو نِسب المادة الفعالة الموضوعة فيها، وحينما تكون ضعيفة، فهذا يعني وجود غش بالعبوة، ويقوم المتلاعبون بخلطه بمواد تُزيد من كميته، وأنهم يلجأن إلى مركز تحليل عينات بوزارة الزراعة لاكتشاف عمليات الغش التجاري بالأسمدة والمبيدات، وسبق أن اكتشفوا وجود غش بسماد «السوبر» رغم أن هذه الكمية كانت قادمة لهم من مصدر يثقون به، وعند العودة للمصدر، قال إنه هو الآخر تعرض للخداع في هذه الكمية، وتم إعادة الكمية له وكانت تبلغ نحو 3 أطنان.
اتجاه المزارعين للجمعيات الزراعية لشراء المبيدات منها، كونها جهة موثوق بها، ليس أمرًا مُحبذًا لدى المزارع «عماد»، فكما يقول فإن الجمعيات تبيع بنفس أسعار المتاجر بالخارج، وما يميز التُجار عن الجمعيات، هو أنهم يبيعون للمزارعين إن لم يكن معهم أموال في وقت الشراء، على أن يكون السداد في وقت لاحق، وهذا الأمر لا يحدث في الجمعيات الزراعية.
وعلى الرغم من تأكيدات الأهالي، إلا أن تصريحات من مديرية الزراعة بالشرقية، في إبريل الماضي، قالت إن 80 % من الأراضي المصابة بالـ «الهباب الأسود، أو العفن الهبابي» تم معالجاتها.